يَحِلُّ لِلَّذِي فَضَّلَ أَنْ يَأْخُذَ الْفَضْلَ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُقَاسِمَ إخْوَتَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ بِالْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ صَدَاقُ الْمَرْأَةِ تَعَوَّضَتْ عَنْهُ بِعَقَارٍ]
٨٢٢ - ٤٤ - مَسْأَلَةٌ: فِي صَدَاقِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، تَمُرُّ عَلَيْهِ السُّنُونَ الْمُتَوَالِيَةُ لَا يُمْكِنُهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ لِئَلَّا يَقَعَ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ، ثُمَّ إنَّهَا تَتَعَوَّضُ عَنْ صَدَاقِهَا بِعَقَارٍ، أَوْ يَدْفَعُ إلَيْهَا الصَّدَاقَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ السِّنِينَ، فَهَلْ تَجِبُ زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ أَمْ إلَى أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ قَبَضَتْ الصَّدَاقَ.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا لِلْعُلَمَاءِ أَقْوَالٌ: قِيلَ: يَجِبُ تَزْكِيَةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَدْ نَصَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِمَا.
وَقِيلَ: تَجِبُ مَعَ يَسَارِهِ وَتَمَكُّنِهَا مِنْ قَبْضِهَا دُونَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَمْكِينُهُ مِنْ الْقَبْضِ كَالْقَوْلِ الْآخَرِ فِي مَذْهَبِهِمَا.
وَقِيلَ: تَجِبُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ: كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَقَوْلٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَقِيلَ: لَا تَجِبُ بِحَالٍ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَوْلٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَأَضْعَفُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ مَنْ يُوجِبُهَا لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ حَتَّى مَعَ الْعَجْزِ عَنْ قَبْضِهِ، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ بَاطِلٌ، فَأَمَّا أَنْ يَجِبَ لَهُمْ مَا يَأْخُذُونَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ، فَهَذَا مُمْتَنِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ إذَا طَالَ الزَّمَانُ كَانَتْ الزَّكَاةُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ، ثُمَّ إذَا نَقَصَ النِّصَابُ وَقِيلَ إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي عَيْنِ النِّصَابِ لَمْ يُعْلَمْ الْوَاجِبُ إلَّا بِحِسَابٍ طَوِيلٍ يَمْتَنِعُ إتْيَانُ الشَّرِيعَةِ بِهِ.
وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ مَنْ لَا يُوجِبُ فِيهِ شَيْئًا بِحَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ أَوْ يُوجِبَ فِيهِ زَكَاةً وَاحِدَةً عَنْ الْقَبْضِ، فَهَذَا الْقَوْلُ لَهُ وَجْهٌ، وَهَذَا وَجْهٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكِلَاهُمَا قِيلَ بِهِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute