بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ.
وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا إذَا لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَةُ قَبْضِ الْمَالِ وَصَرْفِهِ إلَّا بِهِ، فَإِنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ عِنْدَ قِلَّةِ الْعَمَلِ وَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ لِلْمُحَاسَبَةِ بِنَفْسِهِ، كَمَا فِي نَصْبِ الْإِمَامِ لِلْحَاكِمِ، عَلَيْهِ أَنْ يَنْصِبَ حَاكِمًا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، إذَا لَمْ تَصِلْ الْحُقُوقُ إلَى مُسْتَحِقِّهَا، أَوْ لَمْ يَتِمَّ فِعْلُ الْوَاجِبِ وَتَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِهِ. وَقَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ الْإِمَامُ إذَا أَمْكَنَهُ مُبَاشَرَةُ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ.
وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَاشِرُ الْحُكْمَ وَاسْتِيفَاءَ الْحِسَابِ بِنَفْسِهِ، وَفِيمَا بَعُدَ عَنْهُ يُوَلِّي مَنْ يَقُومُ بِالْأَمْرِ، وَلَمَّا كَثُرَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْخُلَفَاءِ اسْتَعْمَلُوا الْقُضَاةَ وَدَوَّنُوا الدَّوَاوِينَ فِي أَمْصَارِهِمْ وَغَيْرِهَا فَكَانَ عُمَرُ يَسْتَنِيبُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَالدِّيوَانِ. وَكَانَ بِالْكُوفَةِ قَدْ اسْتَعْمَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَرْبِ، مِثْلُ: نَائِبِ السُّلْطَانِ، وَالْخَطِيبِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ كَانَتْ أَنَّهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ أَمِيرُ حَرْبِهِمْ.
وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ، وَاسْتَعْمَلَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى دُيُونِ الْخَرَاجِ.
وَإِذَا قَامَ الْمُسْتَوْفِي بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ مَا فُرِضَ لَهُ، وَالْجُعْلُ الَّذِي سَاغَ لَهُ فَرْضُهُ، وَإِذَا عَمِلَ هَذَا وَلَمْ يُعْطَ جُعْلَهُ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ عَلَى الْعَمَلِ الْخَاصِّ فَإِنَّ مَا وَجَبَ بِطَرِيقِ الْمُعَامَلَةِ يَجِبُ.
[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قِطَعَ أَرْضِ وَقْفٍ وَغَرَسَ فِيهَا غِرَاسًا وَأَثْمَرَ]
٨٩٠ - ٤٩ مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قِطَعَ أَرْضَ وَقْفٍ؛ وَغَرَسَ فِيهَا غِرَاسًا وَأَثْمَرَ؛ وَمَضَتْ مُدَّةٌ لِلْإِيجَارِ؛ فَأَرَادَ نُظَّارُ الْوَقْفِ قَلْعَ الْغِرَاسِ. فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟ وَهَلْ يُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى مُسَاعَدَتِهِ؟
الْجَوَابُ: لَيْسَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ قَلْعُ الْغِرَاسِ؛ بَلْ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ تَمَلُّكُ الْغِرَاسِ بِقِيمَتِهِ؛ أَوْ ضَمَانُ نَقْصِهِ إذَا قُلِعَ. وَمَا دَامَ بَاقِيًا عَلَى صَاحِبِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُ الظَّالِمِ مِنْ ظُلْمِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ مُتَوَلِّي إمَامَةَ مَسْجِدٍ وَخَطَابَتَهُ وَنَظَرَ وَقْفِهِ]
٨٩١ - ٥٠ مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ مُتَوَلِّي إمَامَةَ مَسْجِدٍ، وَخَطَابَتَهُ؛ وَنَظَرَ وَقْفِهِ: مِنْ سِنِينَ مَعْدُودَةٍ، بِمَرْسُومِ وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَلَهُ مُسْتَحِقٌّ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ لِنُظَّارِ وَقْفٍ آخَرَ