للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْمَدَ، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ» وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو فِي هَذَا الْمَوْطِنِ، وَالْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

وَالْمُنَاسَبَةُ الِاعْتِبَارِيَّةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَمَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَنْصَرِفْ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَالدُّعَاءُ حِينَئِذٍ مُنَاسِبٌ لِحَالِهِ، أَمَّا إذَا انْصَرَفَ إلَى النَّاسِ مِنْ مُنَاجَاةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مَوْطِنَ مُنَاجَاةٍ لَهُ، وَدُعَاءٍ. وَإِنَّمَا هُوَ مَوْطِنُ ذِكْرٍ لَهُ، وَثَنَاءٍ عَلَيْهِ، فَالْمُنَاجَاةُ وَالدُّعَاءُ حِينَ الْإِقْبَالِ وَالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ. أَمَّا حَالَ الِانْصِرَافِ مِنْ ذَلِكَ فَالثَّنَاءُ وَالذِّكْرُ أَوْلَى.

وَكَمَا أَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ اسْتَحَبَّ عَقِبَ الصَّلَاةِ مِنْ الدُّعَاءِ مَا لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ: فَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ تُقَابِلُ هَذِهِ لَا يَسْتَحِبُّونَ الْقُعُودَ الْمَشْرُوعَ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَلَا يَسْتَعْمِلُونَ الذِّكْرَ الْمَأْثُورَ، بَلْ قَدْ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ، فَهَؤُلَاءِ مُفَرِّطُونَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْمَشْرُوعِ، وَأُولَئِكَ مُجَاوِزُونَ الْأَمْرَ بِغَيْرِ الْمَشْرُوعِ، وَالدِّينُ إنَّمَا هُوَ الْأَمْرُ بِالْمَشْرُوعِ دُونَ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ.

وَأَمَّا رَفْعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ: فَقَدْ جَاءَ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ، وَأَمَّا مَسْحُهُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ فَلَيْسَ عَنْهُ فِيهِ إلَّا حَدِيثٌ، أَوْ حَدِيثَانِ، لَا يَقُومُ بِهِمَا حُجَّةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الصَّلَاةِ]

١٨٣ - ٩٩ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ لَا يَطْمَئِنُّ فِي صَلَاتِهِ؟

الْجَوَابُ: الطُّمَأْنِينَةُ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبَةٌ، وَتَارِكُهَا مُسِيءٌ، بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ بَلْ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ: كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ، لَا يُخَالِفُونَ فِي أَنَّ تَارِكَ ذَلِكَ مُسِيءٌ غَيْرُ مُحْسِنٍ، بَلْ هُوَ آثِمٌ عَاصٍ، تَارِكٌ لِلْوَاجِبِ.

وَغَيْرُهُمْ يُوجِبُونَ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ. وَدَلِيلُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ رَجُلًا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>