خَلْفَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، لَكِنْ لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى بِالنَّاسِ مَرَّةً وَصَوْتُهُ ضَعِيفٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي إلَى جَنْبِهِ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ» ، فَاسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ عِنْدَ الْحَاجَةِ: مِثْلُ ضَعْفِ صَوْتِهِ، فَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.
وَتَنَازَعُوا فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ يَفْعَلُهُ. عَلَى قَوْلَيْنِ: وَالنِّزَاعُ فِي الصِّحَّةِ مَعْرُوفٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمَا.
غَيْرَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ التَّبْلِيغ خَلْفَ الْإِمَامِ]
٢٧٥ - ١٩١ - مَسْأَلَةٌ فِي التَّبْلِيغِ خَلْفَ الْإِمَامِ: هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ بِدْعَةٌ؟
الْجَوَابُ: أَمَّا التَّبْلِيغُ خَلْفَ الْإِمَامِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَهُوَ بِدْعَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
وَإِنَّمَا يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ الْإِمَامُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَاؤُهُ يَفْعَلُونَ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُبَلِّغُ خَلْفَ النَّبِيِّ، لَكِنْ «لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَعُفَ صَوْتُهُ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُسْمِعُ بِالتَّكْبِيرِ» .
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُبَلِّغِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمَا.
[مَسْأَلَةٌ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ قُدَّامَ الْإِمَامِ]
٢٧٦ - ١٩٢ - مَسْأَلَةٌ:
هَلْ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ قُدَّامَ الْإِمَامِ أَوْ خَلْفَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: أَمَّا صَلَاةُ الْمَأْمُومِ قُدَّامَ الْإِمَامِ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهَا: إنَّهَا تَصِحُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ قِيلَ: إنَّهَا تُكْرَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَالْقَوْلُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا، كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِمَا.