للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، وَغَيْرِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِمَا.

وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَلَّوْا قِيَامًا فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِمْ قَوْلَانِ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُفْعَلُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ لَا يُمْكِنُهُ الِائْتِمَامُ بِإِمَامِهِ إلَّا قُدَّامَهُ كَانَ غَايَةُ [مَا] فِي هَذَا أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ الْمَوْقِفَ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ هَذَا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُصَافُّهُ وَلَمْ يَجْذِبْ أَحَدًا يُصَلِّي مَعَهُ صَلَّى وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ، وَلَمْ يَدَعْ الْجَمَاعَةَ، كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَجِدْ امْرَأَةً تُصَافُّهَا فَإِنَّهَا تَقِفُ وَحْدَهَا خَلْفَ الصَّفِّ، بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.

وَهُوَ إنَّمَا أُمِرَ بِالْمُصَافَّةِ مَعَ الْإِمْكَانِ لَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُصَافَّةِ.

[فَصْلٌ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ]

فَصْلٌ وَأَمَّا صَلَاةُ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ: خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ فَإِنْ كَانَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً جَازَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ، أَوْ نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالثَّانِي: الْجَوَازُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ، وَالِاسْتِطْرَاقَ، فَفِيهَا عِدَّةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.

قِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ مَعَ الْحَاجَةِ، وَلَا يَجُوزُ بِدُونِ الْحَاجَةِ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مَعَ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا: مِثْلَ أَنْ تَكُونَ أَبْوَابُ الْمَسْجِدِ مُغْلَقَةً، أَوْ تَكُونَ الْمَقْصُورَةُ الَّتِي فِيهَا الْإِمَامُ مُغْلَقَةً، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.

فَهُنَا لَوْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ وَاجِبَةً لَسَقَطَتْ لِلْحَاجَةِ. كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَالْجَمَاعَةَ تَسْقُطُ بِالْعُذْرِ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاةِ الْإِنْسَانِ وَحْدَهُ بِكُلِّ حَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>