الْإِرْثُ وَهَذَا الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ مُوَافِقٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ أَيْضًا؛ وَلِهَذَا يُوصُونَ كَثِيرًا بِمِثْلِ هَذَا الْوَلَدِ.
وَإِنْ قِيلَ: إنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مَا اسْتَحَقَّهُ كَانَ هَذَا مَفْهُومَ مَنْطُوقٍ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ كَانَ مَسْكُوتًا عَنْهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَلَكِنْ قَدْ يَتَنَاوَلُهُ فِي قَوْلِهِ: عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ. فَإِنَّا ذَكَرْنَا أَنَّ مُوجَبَ هَذَا اللَّفْظِ مَعَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ تَرْتِيبُ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ. وَالتَّقْدِيرُ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى وَلَدِ كُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ وَالِدِهِ، وَهَذَا اللَّفْظُ يُوجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ أَبُوهُ مُسْتَحِقَّهُ لَوْ كَانَ مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، كَمَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ أَهْلُ طَبَقَاتِهِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ شَرْعًا وَشَرْطًا؛ وَإِذَا كَانَ هَذَا مُوجِبَ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ؛ وَذَلِكَ التَّفْصِيلُ إمَّا أَنْ يُوجِبَ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ أَيْضًا. وَهُوَ الْأَظْهَرُ. أَوْ لَا يُوجِبُ حِرْمَانُهُ فَيُقِرُّ الْعَمَلُ بِالدَّلِيلِ السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ]
٩٠٣ - ٦٢ مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ: فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ. وَعَلَى ابْنِ ابْنِهِ فُلَانٍ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ، وَمَنْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهَا؛ ثُمَّ إلَى أَعْمَامِهَا؛ ثُمَّ بَنِي أَعْمَامِهَا الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُمْ. فَمَاتَ ابْنُ ابْنٍ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، وَتَرَكَ أُخْتَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ، وَأَعْمَامُهُ فَأَيُّهُمْ أَحَقُّ؟
الْجَوَابُ: يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى أُخْتِهِ لِأَبَوَيْهِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ مِنْ قَصْدِ الْوَاقِفِ تَخْصِيصُ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّهُ أَصْلُهُ؛ وَتَخْصِيصُ نَصِيبِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بِالْأَقْرَبِ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ أَقَامَ مُوسَى ابْنُ الِابْنِ مَقَامَ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَيِّتًا وَقْتَ الْوَقْفِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِي قَرْيَةٍ وَقَفَهَا السُّلْطَانُ فَجَعَلَ رِيعَهَا وَقْفًا عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ بَعْدِهِ]
٩٠٤ - ٦٣ مَسْأَلَةٌ:
فِي قَرْيَةٍ وَقَفَهَا السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ؛ فَجَعَلَ رِيعَهَا وَقْفًا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute