للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتِّصَافُ الْحَقَائِقِ الْمُخْتَلِفَةِ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ فَهَذَا لَا يُثْبِتُ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يُفِيدُ أَنْ تَكُونَ الْحَقَائِقُ الْمُخْتَلِفَةُ لَهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَكُونُ الْحَقَائِقُ الْمُخْتَلِفَةُ مَوْصُوفَةً بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ الْحَالُ الَّتِي هِيَ الْوُجُودُ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ الْحَقَائِقُ الْمُخْتَلِفَةُ شَيْئًا وَاحِدًا، وَأَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ فِي نَفْسِهَا حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً.

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك ضَعْفُ قَوْلِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ اتِّصَافِ الْحَقَائِقِ الْمُخْتَلِفَةِ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً وَإِلَّا بَطَلَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ اتِّصَافَ الْحَقَائِقِ الْمُخْتَلِفَةِ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ غَيْرُ كَوْنِ الصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ هِيَ فِي نَفْسِهَا حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا صِفَةً لِحَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ وَبَيْنَ كَوْنِهَا فِي نَفْسِهَا حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً أَمْرٌ وَاضِحٌ بَيِّنٌ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ لَهُ مَا قَالَ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْحَقَائِقَ الْمُخْتَلِفَةَ تَتَّصِفُ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْوُجُودَ الْوَاحِدَ الثَّابِتَ فِي الْخَارِجِ هُوَ فِي نَفْسِهِ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إنَّ نَفْسَ الطَّلَبِ هُوَ نَفْسُ الْخَبَرِ فَيَجْعَلُونَ الْحَقِيقَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ شَيْئًا وَاحِدًا، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.

وَإِنْ قِيلَ إنَّ لَهُمَا وُجُودًا وَاحِدًا زَائِدًا عَلَى حَقِيقَتِهِمَا فَإِنَّ فَسَادَ كَوْنِ الْحَقِيقَتَيْنِ شَيْئًا وَاحِدًا مَعْلُومٌ بِالْبَدِيهَةِ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ الْحَقَائِقَ الْمُخْتَلِفَةَ كَالْأَعْرَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّ وُجُودَهَا زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهَا وَاحِدًا فَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا وَاحِدَةٌ

[الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ مَا شُكَّ فِيهِ يُقْطَعُ فِيهِ بِالِامْتِنَاعِ]

. الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ: أَنْ يُقَالَ مَا شُكَّ فِيهِ يُقْطَعُ فِيهِ بِالِامْتِنَاعِ فَيُقَالُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَتَانِ الْمُخْتَلِفَتَانِ لَهُمَا وُجُودٌ وَاحِدٌ قَائِمٌ بِهِمَا كَمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَرَضٌ وَاحِدٌ يَقُومُ بِهِمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَالَ الَّذِي هُوَ الْوُجُودُ الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ قَائِمٌ بِالْحَقَائِقِ وَأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى حَقَائِقِهَا تَابِعٌ لِتِلْكَ الْحَقَائِقِ، فَوُجُودُ كُلِّ حَقِيقَةٍ تَابِعٌ لَهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ بِغَيْرِهَا كَمَا لَا يُوجَدُ بِغَيْرِهَا سَائِرُ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ الْأَعْرَاضِ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ الْقَائِمُ بِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ هُوَ بِعَيْنِهِ الْعَرْضُ الْقَائِمُ بِالْحَقِيقَةِ الْأُخْرَى الْمُخَالِفَةِ لَهَا، فَالْوُجُودُ الَّذِي لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ الْوُجُودَ الْقَائِمَ بِالْحَقِيقَةِ الْأُخْرَى بِعَيْنِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: أَنَّ هَذَا الَّذِي شَكَّ فِيهِ لَوْ صَحَّ وَجَزَمَ بِهِ لَكَانَ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مُتَعَدِّدًا مُتَّحِدًا فَيَكُونُ حَقِيقَتَيْنِ وَهُوَ وَاحِدٌ، أَمَّا رَفْعُ التَّعَدُّدِ عَنْهُ مِنْ كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>