للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ جَمَاعَة اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ رَجُلٍ وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ]

مَسْأَلَةٌ:

فِي جَمَاعَةٍ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ رَجُلٍ، وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ: فَهَلْ لِأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ؛ أَمْ لَا؟ وَإِذَا وَافَقَ وَلِيُّ الصِّغَارِ - الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ - عَلَى الْقَتْلِ مَعَ الْكِبَارِ: فَهَلْ يَقْتُلُونَ، أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتُلُوا، وَلَهُمْ أَنْ يَعْفُوا. فَإِذَا اتَّفَقَ الْكِبَارُ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى قَتْلِهِمْ فَلَهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، [وَأَحْمَدَ] فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. [وَكَذَا إذَا وَافَقَ وَلِيُّ الصِّغَارِ الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ الْكِبَارِ فَيَقْتُلُونَ] .

[مَسْأَلَةٌ الْقَاتِلُ عَمْدًا إذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا]

٦٥٠ - ٤ - مَسْأَلَةٌ:

فِي عَنْ الْإِنْسَانِ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا أَوْ خَطَأً، وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِصَاصَ فِي الدُّنْيَا أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ وَالسُّلْطَانُ: فَهَلْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْآخِرَةِ، أَمْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] .

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَمَّا الْقَاتِلُ خَطَأً فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ قِصَاصٌ؛ لَا فِي الدُّنْيَا، وَلَا فِي الْآخِرَةِ؛ لَكِنَّ الْوَاجِبَ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ، وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِ الْقَتِيلِ، إلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا. وَأَمَّا " الْقَاتِلُ عَمْدًا " إذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا: فَهَلْ لِلْمَقْتُولِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَكَذَلِكَ غَيْرِهِ فِيمَا أَظُنُّ مَنْ يَقُولُ: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ عَلَيْهِ حَقٌّ؛ فَإِنَّ حَقَّهُ لَمْ يَسْقُطْ بِقَتْلِ الْوَرَثَةِ، كَمَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ اللَّهِ بِذَلِكَ؛ وَكَمَا لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَظْلُومِ الَّذِي غُصِبَ مَالُهُ وَأُعِيدَ إلَى وَرَثَتِهِ؛ بَلْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الظَّالِمَ بِمَا حَرَمَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>