هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَنْهُ: «إنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَلْقَاهُ عَبْدٌ بِهَا، بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا، أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدَعُ قَضَاءً» رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ تَرْكَ الدَّيْنِ بَعْدَ الْكَبَائِرِ.
فَإِذَا كَانَ قَدْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَدِينِ الَّذِي لَا قَضَاءَ لَهُ، فَعَلَى فَاعِلِ الْكَبَائِرِ أَوْلَى، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ قَاتِلُ نَفْسِهِ، وَالْغَالُّ: لَمَّا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمَا. وَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِذَوِي الْفَضْلِ تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى ذَوِي الْكَبَائِرِ الظَّاهِرَةِ، وَالدُّعَاةِ إلَى الْبِدَعِ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ جَائِزَةً فِي الْجُمْلَةِ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: «الشَّهِيدُ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الدَّيْنُ» فَأَرَادَ بِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ يُوَفَّاهُ.
[مَسْأَلَةٌ هَرَبَ لَهُ مَمْلُوكٌ ثُمَّ رَجَعَ]
٣٧١ - ١١ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ لَهُ مَمْلُوكٌ هَرَبَ، ثُمَّ رَجَعَ. فَلَمَّا رَجَعَ أَخَذَ سِكِّينَتَهُ وَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهَلْ يَأْثَمُ سَيِّدُهُ؟ وَهَلْ تَجُوزُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ. وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ قَدْ ظَلَمَهُ، وَاعْتَدَى عَلَيْهِ، بَلْ كَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يُفَرِّجَ اللَّهُ.
فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ ظَلَمَهُ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، مِثْلُ أَنْ يُقَتِّرَ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ، أَوْ يَعْتَدِيَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، أَوْ يَضْرِبَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ يُرِيدُ بِهِ فَاحِشَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَإِنَّ عَلَى سَيِّدِهِ مِنْ الْوِزْرِ بِقَدْرِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ.
«وَلَمْ يُصَلِّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: صَلُّوا عَلَيْهِ» فَيَجُوزُ لِعُمُومِ النَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَئِمَّةُ الدِّينِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ. فَإِذَا تَرَكُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ زَجْرًا لِغَيْرِهِ، اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا حَقٌّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
٣٧٢ - ١٢ - سُئِلَ: عَنْ رَجُلٍ يَدَّعِي الْمَشْيَخَةَ: فَرَأَى ثُعْبَانًا، فَقَامَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute