الْغُرَمَاءَ؟ أَوْ يَكُونُ أَمَانَةً يُؤْخَذُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ؟ فِيهِ نِزَاعٌ. وَإِذَا ادَّعَى الْوَارِثُ رَدَّهُ إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ أَقْبَضَهُ لِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ أَقْبَضَهُ لِلْيَتِيمِ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ وَكَانَ الْإِقْبَاضُ مِمَّا يَسُوغُ. فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ. مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْيَتِيمُ قَدْ رَشِدَ. فَسَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ بَعْدَ أَنَّهُ آنَسَ الرُّشْدَ؛ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْحَجْرَ عَنْهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ الْحَاكِمِ وَلَا حُكْمِهِ؛ بَلْ مَتَى آنَسَ الْوَصِيُّ مِنْهُ الرُّشْدَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: ٦] .
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ سَلَّمَ الْمَالَ مَنْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَالُ وَصَلَ إلَى الْيَتِيمِ الْبَائِنِ رُشْدُهُ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَصِيِّ، كَمَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ كُلِّ غَاصِبٍ يُوصِلُ الْمَالَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِ الْغَاصِبِ، وَلَا تَعَدٍّ: مِثْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمَالِكُ قَهْرًا، أَوْ يُخَلِّصُهُ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ، أَوْ تُطَيِّرُهُ إلَيْهِ الرِّيحُ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْيَتِيمُ بَعْدَ إينَاسِ الرُّشْدِ وُصُولَهُ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ الْقَابِضِ الَّذِي لَيْسَ بِوَكِيلٍ لِلْوَصِيِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ إقْبَاضَ الْوَصِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ لِأَحَدٍ: فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ أَوْ قَوْلُ الْوَصِيِّ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.
[مَسْأَلَةٌ وَصِيٍّ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِأَيْتَامٍ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ حِصَّتَهُ وَمِنْ مَالِهِمْ حِصَّتَهُ]
٩٦٧ - ٣٢ وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَنْ وَصِيٍّ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِأَيْتَامٍ: فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ حِصَّتَهُ؛ وَمِنْ مَالِهِمْ حِصَّتَهُ؛ وَيُنْفِقَهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ؟
فَأَجَابَ: يُنْفِقُ عَلَى الْيَتِيمِ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَإِذَا كَانَ خَلْطُ طَعَامِهِ بِطَعَامِ الرَّجُلِ أَصْلَحَ لِلْيَتِيمِ فَعَلَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute