[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]
ِ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ أَبِي الْعَبَّاسِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، وَلَكِنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُ أَخِيرًا أَنَّ مَذْهَبَهُ نَجَاسَةُ غَيْرِ شَعْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَالْمِسْكُ وَجِلْدَتُهُ طَاهِرَانِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ. وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُبَانُ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ، بَلْ إذَا كَانَ يَنْفَصِلُ عَنْ الْغَزَالِ فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ، وَالْبِيضِ، وَاللَّبَنِ، وَالصُّوفِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَصِلُ عَنْ الْحَيَوَانِ.
وَلَا يَنْجَسُ الْآدَمِيُّ بِالْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَخَصَّهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ " بِالْمُسْلِمِ، وَقَالَهُ جَدُّهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ ".
وَتُطَهَّرُ النَّجَاسَةُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ يُزِيلُ: كَالْخَلِّ، وَنَحْوِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَإِذَا تَنَجَّسَ مَا يَضُرُّهُ الْغُسْلُ: كَثِيَابِ الْحَرِيرِ، وَالْوَرَقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ أَجْزَأَ مَسْحُهُ فِي أَظْهَرْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَأَصْلُهُ الْخِلَافُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ: كَإِفْسَادِ الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، كَمَا يَنْهَى عَنْ ذَبْحِ الْخَيْلِ الَّتِي يُجَاهَدُ عَلَيْهَا، وَالْإِبِلِ الَّتِي يُحَجُّ عَلَيْهَا، وَالْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَسُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَتُطَهَّرُ الْأَجْسَامُ الصَّقِيلَةُ: كَالسَّيْفِ، وَالْمِرْآةِ، وَنَحْوِهِمَا إذَا تَنَجَّسَتْ بِالْمَسْحِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مِثْلُهُ فِي السِّكِّينِ مِنْ دَمِ الذَّبِيحَةِ، فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ خَصَّصَهُ بِهَا لِمَشَقَّةِ الْغُسْلِ مَعَ التَّكْرَارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّاهُ كَقَوْلِهِمَا.
وَيَطْهُرَ النَّعْلُ بِالدَّلْكِ بِالْأَرْضِ إذَا أَصَابَهُ نَجَاسَةٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَذَيْلُ الْمَرْأَةِ يَطْهُرُ بِمُرُورِهِ عَلَى طَاهِرٍ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ وَنَقَلَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيُّ عَنْ أَحْمَدَ، وَتَطْهُرُ النَّجَاسَةُ بِالِاسْتِحَالَةِ (أَطْلَقَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ) وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ طَهُرَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute