للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجَابَ: إذَا عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، عَدَلَ عَنْهُ إلَى شَرْطِ اللَّهِ قَبْلَ شَرْطِ الْوَاقِفِ [إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِشَرْطِ اللَّهِ] .

فَإِنَّ الْجِهَاتِ الدِّينِيَّةِ مِثْلُ الخوانك وَالْمَدَارِسِ وَغَيْرِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فِيهَا فَاسِقٌ، سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِظُلْمِهِ لِلْخَلْقِ، وَتَعَدِّيهِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ. أَوْ فِسْقُهُ بِتَعَدِّيهِ حُقُوقَ اللَّهِ، الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ. فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ الضَّرْبَيْنِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَعُقُوبَتُهُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَرِّرَ فِي الْجِهَاتِ الدِّينِيَّةِ وَنَحْوِهَا، فَكَيْفَ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ وُجُوبُهُ مُؤَكَّدًا.

وَمَنْ نَزَّلَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ لِأَجْلِ هَذَا الظُّلْمِ، وَلَا لِغَيْرِهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الظَّالِمَ بِالْعَادِلِ، وَالْفَاجِرَ بِالْبَرِّ. وَمَنْ أَعَانَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ أَوْقَفَ وَقْفًا عَلَى مَدْرَسَةٍ وَشَرَطَ فِيهَا أَنَّ رِيعَ الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ]

٨٥٣ - ١٢ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ أَوْقَفَ وَقْفًا عَلَى مَدْرَسَةٍ، وَشَرَطَ فِيهَا أَنَّ رِيعَ الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ؛ وَالثُّلُثَيْنِ يَكُونُ لِلْفُقَهَاءِ وَلِلْمَدْرَسَةِ وَأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ. وَشَرَطَ أَنَّ النَّاظِرَ يَرَى بِالْمَصْلَحَةِ؛ وَالْحَالُ جَارِيًا كَذَلِكَ مُدَّةَ ثَلَاثِينَ سَنَةً؛ وَأَنَّ حَصْرَ الْمَدْرَسَةِ وَمِلْءَ الصِّهْرِيجِ يَكُونُ مِنْ جَامَكِيَّةِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ غَيْبَةً؛ وَأَمَاكِنَ غَيْرَهَا؛ وَأَنَّ مَعْلُومَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ وَكَذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ؛ فَطَالَبَ الْفُقَهَاءُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَابَ الْوَظَائِفِ أَنْ يُشَارِكُوهُمْ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ جَوَامِكِهِمْ لِأَجْلِ الْحُصُرِ وَمِلْءِ الصِّهْرِيجِ؛ وَأَنَّ أَرْبَابَ الْوَظَائِفِ قَائِمُونَ بِهَذِهِ الْوَظِيفَةِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَيْرُهَا هَلْ يَجِبُ لِلنَّاظِرِ مُوَافَقَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا طَلَبُوهُ. وَنَقْصُ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينِ عَنْ مَعْلُومِهِمْ الْيَسِيرِ؟ أَمْ لَا؟

أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. إذَا رَأَى النَّاظِرُ تَقْدِيمَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ - كَالْإِمَامِ، وَالْمُؤَذِّنِ - فَقَدْ أَصَابَ فِي ذَلِكَ؛ إذَا كَانَ الَّذِي يَأْخُذُونَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى جُعْلِ مِثْلِهِمْ فِي الْعَادَةِ؛ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ [أَنْ يُقَدَّمَ] الْجَابِي وَالْعَامِلُ وَالصَّانِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>