قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَالْحِجْرُ جَمِيعُهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ، وَإِنَّمَا الدَّاخِلُ فِي حُدُودِ الْبَيْتِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ، فَمَنْ اسْتَقْبَلَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ أَلْبَتَّةَ.
[بَابُ النِّيَّةِ]
ِ وَالنِّيَّةُ تَتَّبِعُ الْعِلْمَ، فَمَنْ عَلِمَ مَا يُرِيدُ فِعْلَهُ قَصَدَهُ ضَرُورَةً، وَيَحْرُمُ خُرُوجُهُ لِشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَا دَخَلَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْإِمَامَةَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فَرْضًا وَنَفْلًا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَلَوْ سَمَّى إمَامًا أَوْ جِنَازَةً فَأَخْطَأَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ أَفْسَدَهُ خَلْفَ مَنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَلَا، وَوُجُوبُ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ قَدْ يُفَسَّرُ بِوُقُوعِ التَّكْبِيرِ عَقِيبَ النِّيَّةِ، وَهَذَا مُمْكِنٌ لَا صُعُوبَةَ فِيهِ بَلْ عَامَّةُ النَّاسِ إنَّمَا يُصَلُّونَ هَكَذَا.
وَقَدْ يُفَسَّرُ بِانْبِسَاطِ آخِرِ النِّيَّةِ عَلَى أَجْزَاءِ التَّكْبِيرِ، بِحَيْثُ يَكُونُ أَوَّلُهَا مَعَ أَوَّلِهِ وَآخِرُهَا مَعَ آخِرِهِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عُزُوبَ كَمَالِ النِّيَّةِ عَنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ، وَخُلُوَّ أَوَّلِ الصَّلَاةِ عَنْ النِّيَّةِ الْوَاجِبَةِ، وَقَدْ يُفَسَّرُ بِحُضُورِ جَمْعِ النِّيَّةِ الْوَاجِبَةِ، وَقَدْ يُفَسَّرُ بِجَمِيعِ النِّيَّةِ مَعَ جَمِيعِ أَجْزَاءِ التَّكْبِيرِ، وَهَذَا قَدْ نُوزِعَ فِي إمْكَانِهِ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِإِمْكَانِهِ فَهُوَ مُتَعَسِّرٌ فَيَسْقُطُ بِالْحَرَجِ.
وَأَيْضًا فَمَا يَبْطُلُ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الْمُكَبِّرَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَدَبَّرَ التَّكْبِيرَ وَيَتَصَوَّرَهُ فَيَكُونُ قَلْبُهُ مَشْغُولًا بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لَا بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ اسْتِحْضَارِ الْمَنْوِيِّ؛ وَلِأَنَّ النِّيَّةَ مِنْ الشُّرُوطِ، وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْعِبَادَةَ وَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهُ إلَى آخِرِهَا.
[بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ]
ِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ يَجِبُ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «رَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرَهُ فَقَالَ: لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute