للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دِيوَانِهِمْ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَإِقْرَارِ كِتَابِ السُّلْطَانِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَسَائِرِ أَهْلِ الدِّيوَانِ مِمَّا عَلَى جِهَاتِهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ، وَمِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَعَامِلِ الصَّدَقَةِ وَالْخَرَاجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ وَلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ الْأَمِيرُ كَاتِبًا جَابِيًا أَوْ عَامِلًا أَثِمَ بِمَا أَذْهَبَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ لِتَفْرِيطِهِ.

وَمَنْ اسْتَأْمَنَهُ أَمِيرًا عَلَى مَالِهِ فَخَشِيَ مِنْ حَاشِيَتِهِ إنْ مَنَعَهُمْ مِنْ عَادَتِهِمْ الْمُتَقَدِّمَةِ لَزِمَهُ فِعْلُ مَا يُمْكِنُهُ، وَمَا هُوَ أَصْلَحُ لِلْأَمِيرِ مِنْ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ فَيَرْتَعُ مَعَهُمْ لَا سِيَّمَا وَلِلْأَخْذِ شُبْهَةٌ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ أَوْ الْمُضَارِبُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِدُونِهِ صَحَّ وَلَزِمَهُ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ وَالْوَصِيُّ وَالنَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَالَ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا فَرَّطَ وَأَمَّا إذَا احْتَاطَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ غَبْنٌ أَوْ عَيْبٌ لَمْ يُقَصِّرْ فِيهِ، فَهَذَا مَعْذُورٌ يُشْبِهُ خَطَأَ الْإِمَامِ أَوْ الْحَاكِمِ، وَيُشْبِهُ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ وَأَبْيَنُ مِنْ هَذَا النَّاظِرُ وَالْوَصِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْقَاضِي إذَا بَاعَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ زَارَعَ أَوْ ضَارَبَ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأَ فِيهِ، مِثْلُ أَنْ يَأْمُرَ بِعِمَارَةٍ أَوْ غَرْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ كَانَتْ فِي خِلَافِهِ، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ وَالشَّرِيكُ فَإِنَّ عَامَّةَ مَنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وَلَايَةٍ قَدْ يَجْتَهِدُ ثُمَّ يَظْهَرُ فَوَاتُ الْمَصْلَحَةِ أَوْ حُصُولُ الْمَفْسَدَةِ وَلَا لُزُومَ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَتَضْمِينُ مِثْلِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ يُشْبِهُ بِمَا إذَا قَتَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا، فَإِنَّ جِمَاعَ هَذَا أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ مَأْمُورٌ بِعَمَلٍ اجْتَهَدَ فِيهِ، وَكَيْفَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَالضَّمَانُ هَذَا الضَّرْبُ هُوَ خَطَأٌ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْقَصْدِ لَا فِي الْعَمَلِ، وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تَشْهَدُ لَهُ بِرِوَايَتَيْنِ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا سَمَّى لَهُ ثَمَنًا فَنَقَصَ مِنْهُ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ إذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ لَهُ شَيْئًا فَبَاعَهُ بِأَقَلَّ، قَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا نَقَصَ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ لَعَلَّهُ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُمَا عَلَى الْمُشْتَرِي فِي تَقْدِيرِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ فَسَادَ الْعَقْدِ، وَهُوَ يَدَّعِي صِحَّتَهُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ النَّقْصَ، وَإِذَا وَكَّلَهُ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالٍ ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَتَعْيِينُ الْمُعْطِي إلَى الْوَكِيلِ أَوْ الْوَصِيِّ هَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ مِثْلُهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِ بِإِخْرَاجِ حُجَّةٍ عَنْهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِ أَنْ يَقِفَ عَنْهُ شَيْئًا وَلَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْمَصْرِفَ لِلْوَقْفِ كَالْمَصْرِفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>