للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلصَّدَقَةِ، وَيَبْقَى إلَى الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ تَعْيِينُ الْمَصْرِفِ وَإِنْ عَيَّنَ مَصْرِفًا مُنْقَطِعًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَى الْوَصِيِّ تَتْمِيمُهُ بِذِكْرِ مَصْرِفٍ مُؤَبَّدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الصَّدَقَةُ لَهَا جِهَةٌ مَعْلُومَةٌ بِالشَّرْعِ وَالْعُرْفِ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ لِلْوَصِيِّ فِي تَعْيِينِ أَفْرَادِ الْجِهَةِ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ جِهَةٌ مُعَيَّنَةٌ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا فَالْكَلَامُ فِي هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقِفَ أَوْ يَتَصَدَّقَ.

وَحَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالٍ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي أَقْرَبِيهِ، وَإِنْ كَانَ سَهْمَ غَنِيٍّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي النَّذْرِ لَيْسَتْ مَحْمُولَةً عَلَى الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الشَّرْعِ لَكِنْ عَلَى جِنْسِ الْمُسْتَحَبَّةِ شَرْعًا، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى أَدْنَى الْوَاجِبِ أَوْ أَدْنَى التَّطَوُّعِ، فَبَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْإِيمَانِ مُشَابَهَاتٌ، وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ عُزِلَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ، وَكَذَا لَا يَضْمَنُ مُشْتَرٍ الْأُجْرَةَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ.

وَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ أَوْ شِرَاءٍ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ فَضَامِنٌ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ تَضْمِينُهُ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَكِيلُ فَادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ عَزَلَهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ لَمْ يُقْبَلْ، فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِبَلَدٍ آخَرَ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنْ لَمْ يَنْعَزِلْ قَبْلَ الْعِلْمِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ وَإِلَّا كَانَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ، وَلَوْ حَكَمَ قَبْلَ هَذَا الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ حَاكِمٌ لَا يَرَى عَزْلَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ النَّاقِضِ لَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَإِلَّا وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ ": وَابْنُ عَقِيلٍ فِي " الْفُصُولِ ": وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى امْرَأَةٍ فَقَالَ لَهَا وَكَّلَنِي فُلَانٌ لِأُزَوِّجَك لَهُ فَرَغِبَتْ فِي ذَلِكَ وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْمُوَكِّلَ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُ فِي التَّزْوِيجِ لَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ وَلَا تَلْزَمُ لِلْوَكِيلِ بَلْ يَحْكُمُ بِبُطْلَانِهِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا فِي أَنْ يَتَزَوَّجَ لَهُ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ حَالَ الْعَقْدِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا لِفُلَانٍ، فَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَلْزَمْهُ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَقَدَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَعْقِدَهُ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَقَدْ أَخَلَّ بِالْمَقْصُودِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً فَاشْتَرَاهَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ ذِكْرُ فُلَانٍ، بَلْ إذَا أَطْلَقَ وَنَوَى الشِّرَاءَ لَهُ صَحَّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ حُصُولُ الثَّمَنِ وَقَدْ وُجِدَ، وَإِذَا بَطَلَ عَقْدُ النِّكَاحِ فِي حَقِّهِمَا فَهَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>