الْأُجْرَةَ عَلَى كِتَابَةِ الْعِلْمِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَكْرَهُهُ لَا نَأْخُذُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ أُجْرَةً وَكَانَ أَبُو عُيَيْنَةَ لَا يَرَاهُ قَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُ هَذَا الْمَنْعُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: لَعَلَّهُ مَعَ الْغِنَى وَإِلَّا فَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ ": إذَا دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ ثَوْبًا أَوْ دَارًا وَقَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا فَمَضَى وَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَى جَمَاعَةٍ مُشْتَرِينَ وَعَرَفَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَبِيعِ فَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ وَأَخَذَ السِّلْعَةَ ثُمَّ بَاعَهَا هُوَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَقْدِ وَمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْوَاجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَعَلَاتِ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَسْتَأْجِرُ الْبَيْتَ إذَا شَاءَ أَخْرَجَهُ وَإِذَا شَاءَ خَرَجَ قَالَ قَدْ وَجَبَ فِيهِمَا إلَى أَجَلِهِ إلَّا أَنْ يُهْدَمَ الْبَيْتُ أَوْ يَغْرَقَ الدَّارُ أَوْ يَمُوتَ الْبَعِيرُ فَلَا يَنْتَفِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا اسْتَأْجَرَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ أَوْ رَكِبَ قَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ لَا يُبْطِلُ الْإِجَارَةَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا اشْتِرَاطُ النَّجَّارِ لَكِنَّهُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ مَعَ الْإِذْنِ فِي الِانْتِفَاعِ فَإِذَا تَرَكَ الْأَجِيرُ مَا يَلْزَمُهُ عَمَلُهُ بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِالْعِمَارَةِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ جِهَةِ حَقِّ أَهْلِ الْوَقْفِ وَمِنْ جِهَةِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ.
وَاِتِّخَاذُ الْحِجَامَةِ صِنَاعَةً يَتَكَسَّبُ بِهَا هُوَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ عِنْدَ إمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَى كَثْرَةِ مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَاتِ وَالِاعْتِنَاءِ بِهَا لَكِنْ إذَا عَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِالْعِوَضِ اسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا فَلَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَةِ وَحِرْمَانُهُ أُجْرَتَهُ وَنُهِيَ عَنْ أَكْلِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ رَقِيقٍ أَوْ بَهَائِمَ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَتِهَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَفْسُدَ مَالُهُ إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُحْتَاجًا إلَى هَذَا الْكَسْبِ لَيْسَ لَهُ مَا يُغْنِيه عَنْهُ إلَّا الْمَسْأَلَةُ لِلنَّاسِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ كَسْبٌ فِيهِ دَنَاءَةٌ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute