أَخْذُ الْحَكْرِ مِنْ الْبَائِعِ وَمَنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ
وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً فِي جَنْبِهِ وَلَا يَمِينِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَإِذَا تَقَايَلَا الْإِجَارَةَ أَوْ فَسَخَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِحَقٍّ وَكَانَ حَرَثَهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْطَعَ غِرَاسَ الْمُسْتَأْجِرِ وَزَرْعَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً بَلْ إذَا بَقِيَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
وَتَرْكُ الْقَابِلَةِ وَنَحْوِهَا الْأُجْرَةَ لِحَاجَةِ الْمَقْبُولَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَخْذِهَا الصَّدَقَةَ بِهَا. وَإِجَارَةِ الْمُضَافِ يُفَسَّرُ بِشَيْئَيْنِ أَنْ يُؤَجَّرَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، وَالثَّانِي أَنْ يُؤَجَّرَ مُدَّةً لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْخُوذِ لِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ فَمِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ عَقِبَ الْعَقْدِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِلِازْدِرَاعِ وَنَحْوِهِ كَتَبَ فِيهَا أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا مَقِيلًا وَمَرَاحًا وَمُزْدَرَعًا وَنَحْوَ ذَلِكَ لِتَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُمْكِنَةً حَالَةَ الْعَقْدِ وَنُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَثِيرَةٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ إجَارَةِ الْمُسْلِمِ دَارِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيْعِهَا لَهُمْ وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي هَذَا الْمَنْعِ هَلْ هُوَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ أَوْ تَحْرِيمٍ فَأَطْلَقَ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو مُوسَى وَالْآمِدِيُّ بِالْكَرَاهَةِ.
وَأَمَّا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمَا وَكَلَامِ الْقَاضِي تَحْرِيمُ ذَلِكَ، وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدَنَا وَالتَّرَدُّدُ فِي الْكَرَاهَةِ إنَّمَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْقِدْ الْإِجَارَةَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ فَأَمَّا إنْ أَجَّرَهُ إيَّاهَا لِأَجْلِ بَيْعِ الْخَمْرِ وَاِتِّخَاذِهَا كَنِيسَةً لَمْ يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يُغَسِّلُ الْمَيِّتَ بِكِرَاءٍ؟ قَالَ: بِكِرَاءٍ،؟ وَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ. قُلْت: يَقُولُ أَنَا فَقِيرٌ، قَالَ: هَذَا كَسْبُ سُوءٍ.
وَوَجْهُ هَذَا النَّصِّ أَنَّ تَغْسِيلَ الْمَوْتَى مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالتَّكَسُّبُ بِذَلِكَ يُؤْذِنُ بِتَمَنِّي مَوْتِ الْمُسْلِمِينَ فَنَسَبَهُ إلَى الِاحْتِكَارِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْطَى الظِّئْرُ عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً إذَا أَمْكَنَ لِلْخَبَرِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي الْمُتَبَرِّعَةِ بِالرَّضَاعِ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَلَا يُفْتَقَرُ إلَى تَقْدِيرِ عِوَضٍ وَلَا إلَى صِيغَةٍ بَلْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ إجَارَةٌ فَهُوَ إجَارَةٌ يَسْتَحِقُّ فِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ.
نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنْ رَجُلٍ يَأْخُذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute