السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ أَيْنَمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» وَفِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَأَى رَجُلًا يَخْتَلِفُ إلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُوهُ عِنْدَهُ فَقَالَ: يَا هَذَا إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ أَيْنَمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي» فَمَا أَنْتَ وَرَجُلٌ بِالْأَنْدَلُسِ مِنْهُ إلَّا سَوَاءٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزَ قَبْرَهُ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا، فَهُمْ دَفَنُوهُ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ بِخِلَافِ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ الدَّفْنِ فِي الصَّحْرَاءِ لِئَلَّا يُصَلِّيَ أَحَدٌ عَلَى قَبْرِهِ وَيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا فَيُتَّخَذَ قَبْرُهُ وَثَنًا، وَكَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَمَّا كَانَتْ الْحُجْرَةُ النَّبَوِيَّةُ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْمَسْجِدِ إلَى زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ عِنْدَهُ لَا لِصَلَاةٍ هُنَاكَ وَلَا لِتَمَسُّحٍ بِالْقَبْرِ وَلَا دُعَاءٍ هُنَاكَ، بَلْ هَذَا جَمِيعُهُ إنَّمَا يَفْعَلُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إذَا سَلَّمُوا عَلَيْهِ أَوْ أَرَادُوا الدُّعَاءَ دَعَوْا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَلَمْ يَسْتَقْبِلُوا الْقَبْرَ.
وَأَمَّا وَقْتُ السَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ أَيْضًا وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ بَلْ يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلَامِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ الدُّعَاءِ إلَّا حِكَايَةً مَكْذُوبَةً تُرْوَى عَنْ مَالِكٍ، وَمَذْهَبُهُ بِخِلَافِهَا.
وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَمَسَّحُ بِقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُقَبِّلُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مُحَافَظَةٌ عَلَى التَّوْحِيدِ، فَإِنَّ مِنْ أُصُولِ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ اتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، كَمَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: ٢٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute