للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَفَارَقَ أَرْبَعًا لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْ الْمُخْتَارَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَات لِئَلَّا يَكُونَ وَاطِئًا لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَإِنْ كُنَّ خَمْسًا فَفَارَقَ إحْدَاهُنَّ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْ الْمُخْتَارَاتِ قَالُوا هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ السُّنَّةِ يُخَالِفُ ذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا هَذَا الشَّرْطَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَتَأَمَّلْت كَلَامَ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَصْحَابِنَا فَوَجَدْتُهُمْ قَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُمْسِكُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي جَوَازِ وَطْئِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا فِي جَمْعِ الرَّهْمِ وَلَوْ كَانَ لِهَذَا أَصْلٌ عِنْدَهُمْ لَمْ يُغْفِلُوهُ فَإِنَّهُمْ دَائِمًا فِي مِثْلِ هَذَا يُنَبِّهُونَ عَلَى اعْتِزَالِ الزَّوْجَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا إذَا وَطِئَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ زَنَى بِهَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ الْعِدَّةَ تَابِعَةٌ لِنِكَاحِهَا وَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْ جَمِيعِ نِكَاحِهَا فَكَذَلِكَ يَعْفُو عَنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ النِّكَاحِ لَكِنْ قِيَاسُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ سُرِّيَّتَانِ أُخْتَانِ فَحَرَّمَ وَاحِدَةً عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ جَازَ وَطْءُ الْأُخْرَى قَبْلَ اسْتِبْرَاءِ تِلْكَ فَأَمَّا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْعِدَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ أُخْتِهَا وَلَا وَطْؤُهَا بِمِلْكٍ وَإِنْ كَانَ مِلْكَ يَمِينٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا تُوطَأُ بِنِكَاحٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ تَزَوُّجُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شِبْهِ نِكَاحٍ فَهِيَ كَحَقِيقَةِ النِّكَاحِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذَاهِبِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ فَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ.

وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَصِفَةُ تَوْبَتِهَا أَنْ يُرَاوِدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَإِنْ أَجَابَتْ لَمْ تَتُبْ وَإِنْ لَمْ تُجِبْهُ فَقَدْ تَابَتْ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَرَادَ مُخَالَطَةَ إنْسَانٍ اتَّهَمَهُ حَتَّى يَعْرِفَ بِرَّهُ وَفُجُورَهُ أَوْ تَوْبَتَهُ وَيَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُهُ وَيُمْنَعُ الزَّانِي مِنْ تَزْوِيجِ الْعَفِيفَةِ حَتَّى يَتُوبَ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ وَقَدْ زَنَى قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>