هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ الْغَارِسُ بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِ كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الْفَسْخُ.
فَإِذَا فَسَخَ الْعَامِلُ أَوْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَتَمَلَّكَ نَصِيبَ الْغَارِسِ إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْقَلْعِ. وَإِذَا تَرَكَ الْعَامِلُ الْعَمَلَ حَتَّى فَسَدَ الثَّمَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ نَصِيبِ الْمَالِكِ، وَيَنْظُرُ كَمْ يُحْيِي لَوْ عَمِلَ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ.
كَمَا يَضْمَنُ لَوْ يَبِسَ الشَّجَرُ وَهَذَا لِأَنَّ تَرْكَهُ الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ فَسْخِ الْعَقْدِ حَرَامٌ وَغَرَرٌ وَهُوَ سَبَبٌ فِي عَدَمِ هَذَا الثَّمَرِ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَةِ مِثْلُ أَنْ يَغْصِبَ الشَّجَرَ غَاصِبٌ وَيُعَطِّلَهَا عَنْ السَّقْيِ حَتَّى يَفْسُدَ ثَمَرُهَا، أَمَّا الضَّمَانُ بِالْيَدِ الْعَادِيَةِ كَالضَّمَانِ بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ لَا سِيَّمَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْعَادِيَةِ.
وَاسْتِيلَاؤُهُ عَلَى الشَّجَرِ مَعَ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِمَا شَرَطَهُ هَلْ هُوَ يَدٌ عَادِيَةٌ فِيهِ نَظَرٌ، لَكِنَّهُ سَبَبٌ فِي الْإِتْلَافِ، وَهَذَا فِي الْفَوَائِدِ نَظِيرُ الْمَنَافِعِ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تُوجَدْ وَإِنَّمَا الْغَاصِبُ مَنَعَ مِنْ اسْتِيفَائِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِتْلَافَ نَوْعَانِ: إعْدَامُ مَوْجُودٍ وَتَفْوِيتٌ لِمَعْدُومٍ انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُودِهِ وَهَذَا تَفْوِيتٌ.
وَعَلَى هَذَا فَالْعَامِلُ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا تَرَكَ الْعَمَلَ فَقَدْ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَرْضِ وَفَوَّتَ نَفْعَهَا، فَيَنْبَغِي أَيْضًا ضَمَانُ إتْلَافٍ أَوْ ضَمَانُ إتْلَافٍ وَيَدٍ، لَكِنْ هَلْ يَضْمَنُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ يَضْمَنُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ فِي مِثْلِهَا مَعْرُوفًا فَيُقَاسَ بِمِثْلِهَا.
أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالْأَصْوَبُ الْأَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ أَنْ يَضْمَنَ بِمِثْلِ مَا يَثْبُتُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ ضَمَانَ يَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ ضَمَانُ تَعْزِيرٍ وَالْمُزَارَعَةُ أَحَلُّ مِنْ الْإِجَارَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْغُنْمِ وَالْمَغْرَمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ إنْسَانٍ الْأَرْضُ وَمِنْ ثَانٍ الْعَمَلُ وَمِنْ ثَالِثٍ الْبَذْرُ وَمِنْ رَابِعٍ الْبَقَرُ صَحَّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَإِذَا نَبَتَ الزَّرْعُ مِنْ الْحَبِّ الْمُشْتَرَكِ قُسِّمَ الزَّرْعُ عَلَى قَدْرِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَالْحَبُّ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ شَرَطَ صَاحِبُ الْبَذْرِ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute