للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّمْسُ لَمَّا أَمَرَهَا فَأَطَاعَتْ أَمْرَهُ؛ وَهَلْ تَرُدُّ الشَّمْسُ إلَّا لِرَبِّهَا؟ ، وَيَجْعَلُونَ سُلَيْمَانَ هُوَ الِاسْمُ، وَآصَفُ هُوَ الْمَعْنَى الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرُ. وَيَقُولُونَ: سُلَيْمَانَ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِ عَرْشِ بِلْقِيسَ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ آصَفُ لِأَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ الصُّورَةَ، وَآصَفُ كَانَ الْمَعْنَى الْقَادِرَ الْمُقْتَدِرَ، وَقَدْ قَالَ قَائِلُهُمْ:

هَابِيلُ شِيثٌ يُوسُفُ يُوشَعُ ... آصَفُ شَمْعُونُ الصَّفَا حَيْدَرُ

وَيَعُدُّونَ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ وَاحِدًا وَاحِدًا عَلَى هَذَا النَّمَطِ إلَى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ هُوَ الِاسْمُ، وَعَلِيٌّ هُوَ الْمَعْنَى، وَيُوَصِّلُونَ الْعَدَدَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي كُلِّ زَمَانٍ إلَى وَقْتِنَا هَذَا. فَمِنْ حَقِيقَةِ الْخِطَابِ فِي الدِّينِ عِنْدَهُمْ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الرَّبُّ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الْحِجَابُ، وَأَنَّ سَلْمَانَ هُوَ الْبَابُ، وَأَنْشَدَ بَعْضُ أَكَابِرِ رُؤَسَائِهِمْ وَفُضَلَائِهِمْ لِنَفْسِهِ فِي شُهُورِ السَّنَةِ سَبْعَ مِائَةٍ فَقَالَ:

أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا ... حَيْدَرَةُ الْأَنْزَعُ الْبَطِينُ

وَلَا حِجَابَ عَلَيْهِ إلَّا ... مُحَمَّدٌ الصَّادِقُ الْأَمِينُ

وَلَا طَرِيقَ إلَيْهِ إلَّا ... سَلْمَانُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ

وَيَقُولُونَ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَكَذَلِكَ الْخَمْسَةُ الْأَيْتَامُ، وَالِاثْنَا عَشَرَ نَقِيبًا، وَأَسْمَاؤُهُمْ مَشْهُورَةٌ عِنْدَهُمْ، وَمَعْلُومَةٌ مِنْ كُتُبِهِمْ الْخَبِيثَةِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَظْهَرُونَ مَعَ الرَّبِّ وَالْحِجَابِ وَالْبَابِ فِي كُلِّ كَوْرٍ وَدَوْرٍ أَبَدًا سَرْمَدًا عَلَى الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ، وَيَقُولُونَ: إنَّ إبْلِيسَ الْأَبَالِسَةِ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَلِيهِ فِي رُتْبَةِ الْإِبْلِيسِيَّةِ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ ثُمَّ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - وَشَرَّفَهُمْ وَأَعْلَى رُتَبَهُمْ عَنْ أَقْوَالِ الْمُلْحِدِينَ وَانْتِحَالِ أَنْوَاعِ الضَّالِّينَ وَالْمُفْسِدِينَ - فَلَا يَزَالُونَ مَوْجُودِينَ فِي كُلِّ وَقْتٍ دَائِمًا حَسْبَمَا ذَكَرَ مِنْ التَّرْتِيبِ. وَلِمَذَاهِبِهِمْ الْفَاسِدَةِ شُعَبٌ وَتَفَاصِيلُ تَرْجِعُ إلَى هَذِهِ الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ.

وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ الْمَلْعُونَةُ اسْتَوْلَتْ عَلَى جَانِبٍ كَبِيرٍ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ [وَهُمْ] مَعْرُوفُونَ مَشْهُورُونَ مُتَظَاهِرُونَ بِهَذَا الْمَذْهَبِ، وَقَدْ حَقَّقَ أَحْوَالَهُمْ كُلُّ مَنْ خَالَطَهُمْ وَعَرَفَهُمْ مِنْ عُقَلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ، وَمِنْ عَامَّةِ النَّاسِ أَيْضًا فِي هَذَا الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>