وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَلَا تُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُمْ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُحَلِّفْهُمْ بِسَبَبِ حَقٍّ لِلَّهِ وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِخِلَافِ آيَةِ الْوِصَايَةِ لِنَقْضِ حُكْمِهِ فَإِنَّهُ خَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ بِتَأْوِيلَاتِ سُمْعَةٍ.
وَقَوْلُ أَحْمَدَ أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا كَانُوا فِي سَفَرٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُمْ هَذِهِ ضَرُورَةٌ يَقْتَضِي هَذَا التَّعْلِيلُ قَبُولَهَا فِي كُلِّ ضَرُورَةٍ حَضَرًا وَسَفَرًا وَصِيَّةً وَغَيْرَهَا وَهُوَ مِنْحَةٌ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ إذَا اجْتَمَعْنَ فِي الْعُرْسِ وَالْحَمَّامِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ وَنَقَلَ ابْنُ صَدَقَةَ فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِأَشْيَاءَ لِأَقَارِبِهِ وَيَعْتِقُ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْحُقُوقِ.
وَالصَّحِيحُ قَبُولُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ حُضُورَهُنَّ عِنْدَهُ أَيْسَرُ مِنْ حُضُورِهِنَّ عِنْدَ كِتَابَةِ الْوَثَائِقِ وَعَنْ أَحْمَدَ فِي شَهَادَةِ الْكُفَّارِ فِي كُلِّ مَوْضِعِ ضَرُورَةٍ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ رِوَايَتَانِ لَكِنَّ التَّحْلِيفَ هُنَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا تَحْلِيفَ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُحَلِّفُونَ حَيْثُ تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ بَدَلًا فِي التَّحْمِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا أُصُولًا قَدْ عَلِمُوا مِنْ غَيْرِ تَحْمِيلٍ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَوْ قِيلَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَدِمَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ لَكَانَ وَجْهًا وَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ بَدَلًا مُطْلَقًا وَإِذَا قَبِلْنَا شَهَادَةَ الْكُفَّارِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُمْ يَحْلِفُونَ مَعَ شَهَادَتِهِمْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ كَمَا يَحْلِفُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي وَصِيَّةِ السَّفَرِ لَكَانَ مُتَوَجَّهًا وَشَهَادَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ مَقْبُولَةٌ قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يَسْتَفِيدُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ نَوْعَ وِلَايَةٍ فِي تَسْلِيمِ الْمَالِ وَمِثْلُهُ شَهَادَةُ الْمُودَعِ أَوْدَعَنِيهَا فُلَانٌ وَمَالِكُهَا فُلَانٌ وَالْوَاجِبُ فِي الْعَدُوِّ أَوْ الصَّدِيقِ وَنَحْوِهِمَا أَنَّهُ إنْ عَلِمَ مِنْهُمَا الْعَدَالَةَ الْحَقِيقِيَّةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَدَالَتُهُمَا ظَاهِرَةً مَعَ إمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْبَاطِنُ بِخِلَافِهِ لَمْ تُقْبَلْ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُ هَذَا فِي الْأَبِ وَنَحْوِهِ
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَبِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute