للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَازِ وَطْءِ الْوَثَنِيَّاتِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَفِي هَذَا كَلَامٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ، وَالصَّحَابَةُ لَمَّا فَتَحُوا الْبِلَادَ لَمْ يَكُونُوا يَمْتَنِعُونَ عَنْ وَطْءِ النَّصْرَانِيَّاتِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْمَجُوسِيَّةُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَجُوسَ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ، وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَحِلَّ طَعَامُهُ وَلَا نِسَاؤُهُ، أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فَفِيهَا نِزَاعٌ شَاذٌّ، فَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ - أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} [الأنعام: ١٥٥ - ١٥٦] .

فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ، وَمَنْعًا لَأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ، وَدَفْعًا لَأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ طَائِفَتَيْنِ لَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبًا، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَانِعٍ مِنْ قَوْلِهِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الحج: ١٧] فَذَكَرَ الْمِلَلَ السِّتَّ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ الْمِلَلَ الَّتِي فِيهَا سَعِيدٌ قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [البقرة: ٦٢] فِي مَوْضِعَيْنِ، فَلَمْ يَذْكُرْ الْمَجُوسَ وَلَا الْمُشْرِكِينَ، فَلَوْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ الْمِلَّتَيْنِ سَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا فِي الصَّابِئِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَذَكَرَهُمْ، فَلَوْ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ لَكَانُوا قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>