الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ» . فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ فِي الْقَسْمِ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بَاتَ عِنْدَ الْأُخْرَى بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُفَضِّلُ إحْدَاهُمَا فِي الْقَسْمِ، لَكِنْ إنْ كَانَ يُحِبُّهَا أَكْثَرَ وَيَطَؤُهَا أَكْثَرَ فَهَذَا لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: ١٢٩] أَيْ: فِي الْحُبِّ وَالْجِمَاعِ.
وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، فَيَقُولُ: هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» . يَعْنِي: الْقَلْبَ.
وَأَمَّا الْعَدْلُ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فَهُوَ السُّنَّةُ أَيْضًا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فِي النَّفَقَةِ، كَمَا كَانَ يَعْدِلُ فِي الْقِسْمَةِ مَعَ تَنَازُعِ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ، هَلْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوْ مُسْتَحَبًّا لَهُ؟ وَتَنَازَعُوا فِي الْعَدْلِ فِي النَّفَقَةِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَوُجُوبُهُ أَقْوَى وَأَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَهَذَا الْعَدْلُ مَأْمُورٌ بِهِ مَا دَامَتْ زَوْجَةً، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ اصْطَلَحَ هُوَ وَاَلَّتِي يُرِيدُ طَلَاقَهَا عَلَى أَنْ تُقِيمَ عِنْدَهُ بِلَا قَسْمٍ وَهِيَ رَاضِيَةٌ ذَلِكَ جَازَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute