السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» .
وَالثَّانِي: الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. فَهَذِهِ يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي هِيَ فِي مَعْنَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ مَقْصُودُ الْحَالِفِ بِهَا تَعْظِيمَ الْخَالِقِ - لَا الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ - كَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صِيَامُ شَهْرٍ أَوْ الْحَجُّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ.
أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا. أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ. أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا. أَوْ لَا أَفْعَلُهُ. أَوْ إنْ فَعَلْته فَنِسَائِي طَوَالِقُ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ. وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْأَيْمَانُ لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. قِيلَ إذَا حَنِثَ لَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ وَحَلَفَ بِهِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ يُجْزِيهِ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ.
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُوَافِقُ لِلْأَقْوَالِ الثَّابِتَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩] . وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] . وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» .
فَإِذَا قَالَ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ، أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ: أَجْزَأَهُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، فَإِنْ كَفَّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَهُوَ أَحْسَنُ. وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْعِتْقِ، أَوْ إطْعَامِ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ. وَإِذَا أَطْعَمَهُمْ أَطْعَمَ كُلَّ وَاحِدٍ جِرَايَةً مِنْ الْجِرَايَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي بَلَدِهِ، مِثْلُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute