للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطٍ وَقَدْ زَالَ، كَمَا ذَهَبَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ: إمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا مُتْعَةَ الْفَسْخِ.

وَالْإِلْزَامُ بِالْفُرْقَةِ لِمَنْ لَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ: مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ؛ لَكِنْ تَارَةً يَكُونُ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ، كَمَا فِي الْعِنِّينِ، وَالْمَوْلَى عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَالْعَاجِزِ عَنْ النَّفَقَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ. وَتَارَةً يُقَالُ: إنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ، كَمَا فِي تَفْرِيقِ الْحَكَمَيْنِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ إذَا لَمْ يُجْعَلَا وَكِيلَيْنِ، وَكَمَا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْمَوْلَى عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ مِنْ

السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إذَا لَمْ يَفِ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، كَمَا قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: إنَّهُمَا إذَا تَطَاوَعَا فِي الْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَالْأَبُ الصَّالِحُ إذَا أَمَرَ ابْنَهُ بِالطَّلَاقِ لَمَّا رَآهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُطِيعَهُ. كَمَا قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، كَمَا «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ أَنْ يُطِيعَ أَبَاهُ لَمَّا أَمَرَهُ أَبُوهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ» . فَالْإِلْزَامُ إمَّا مِنْ الشَّارِعِ: وَإِمَّا مِنْ الْإِمَامِ بِالْفُرْقَةِ إذَا لَمْ يَقُمْ الزَّوْجُ بِالْوَاجِبِ: هُوَ مِنْ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ.

فَلَمَّا كَانَ النَّاسُ إذَا لَمْ يُلْزَمُوا بِالثَّلَاثِ يَفْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ رَأَى عُمَرُ إلْزَامَهُمْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْزَمُوا طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ؛ وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ نَازَعُوا مَنْ قَالَ ذَلِكَ: إمَّا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا التَّعْزِيرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ. إمَّا لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَاقِبْ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَهَذَا فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ فَلَا وَجْهَ لِإِلْزَامِهِ بِالثَّلَاثِ. وَهَذَا شَرْعٌ شَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا شَرَعَ نَظَائِرَهُ لَمْ يَخُصَّهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: إنَّ مَا شَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ - التَّمَتُّعَ كَمَا أَمَرَ بِهِ أَصْحَابُهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ - هُوَ شَرْعٌ مُطْلَقٌ، كَمَا أَخْبَرَ بِهِ لَمَّا «سُئِلَ أَعُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا؟ أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: لَا؛ بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَإِنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّمَا شُرِعَ لِلشُّيُوخِ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِمْ مِثْلُ بَيَانِ جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ: قَوْلٌ فَاسِدٌ؛ لِوُجُوهٍ مَبْسُوطَةٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>