نَقْضُهُ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَيْسَ مَعَهُمْ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ؛ بَلْ الْأُصُولُ وَالنُّصُوصُ لَا تُوَافِقُ؛ بَلْ تُنَاقِضُ قَوْلَهُمْ.
وَمَنْ تَدَبَّرَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشْرَعْ الطَّلَاقَ الْمُحَرَّمَ جُمْلَةً قَطُّ. وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فَإِنَّهُ شَرَعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَطَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ لِمَنْ لَمْ يَجْعَلْ الثَّلَاثَ الْمَجْمُوعَةَ إلَّا وَاحِدَةً: أَنْتُمْ خَالَفْتُمْ عُمَرَ؛ وَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى الْتِزَامِ ذَلِكَ فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ ذَلِكَ إجْمَاعًا، فَيَقُولُ لَهُمْ: أَنْتُمْ خَالَفْتُمْ عُمَرَ فِي الْأَمْرِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، بَلْ وَفِي الْأَمْرِ الَّذِي مَعَهُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَإِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُجَوِّزُ التَّحْلِيلَ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " لَا أُوتِيَ بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتهمَا ". وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ، مِثْلُ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ؛ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ أَعَادَ الْمَرْأَةَ إلَى زَوْجِهَا بِنِكَاحِ تَحْلِيلٍ. وَعُمَرَ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ مَعَهُمْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ: «كَلَعْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» وَقَدْ خَالَفَهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ اجْتِهَادًا، وَاَللَّهُ يَرْضَى عَنْ جَمِيعِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: " إنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ ". وَأَكْثَرُهُمْ يُخَالِفُونَ عُمَرَ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ: إنَّهُ خَيَّرَ الْمَفْقُودَ إذَا رَجَعَ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ الْمَهْرِ. وَهَذَا أَيْضًا مَعْرُوفٌ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ: كَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ ثَمَانِيَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ: إلَى أَيِّ شَيْءٍ يَذْهَبُ الَّذِي يُخَالِفُ هَؤُلَاءِ؟ ، وَمَعَ هَذَا فَأَكْثَرُهُمْ يُخَالِفُونَ عُمَرَ وَسَائِرَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْقِضُ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِهِ. وَعُمَرُ وَالصَّحَابَةُ جَعَلُوا الْأَرْضَ الْمَفْتُوحَةَ عَنْوَةً؛ كَأَرْضِ الشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَالْمَغْرِبِ، فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ؛ وَلَمْ يَقْسِمْ عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ أَرْضًا فَتَحَهَا عَنْوَةً، وَلَمْ يَسْتَطِبْ عُمَرُ أَنْفُسَ جَمِيعِ الْغَانِمِينَ فِي هَذِهِ الْأَرَضِينَ؛ وَإِنْ ظَنَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ اسْتَطَابُوا أَنْفُسَهُمْ فِي السَّوَادِ، بَلْ طَلَبَ مِنْهُمْ بِلَالٌ وَالزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُمَا قِسْمَةَ أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَمَعَ هَذَا فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ يُخَالِفُ عُمَرَ وَالصَّحَابَةَ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute