للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ حَمْلًا وَأُجْرَةُ رَضَاعِهِ.

وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْله تَعَالَى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: ٤٩] ، فَجَعَلَهُ مَوْهُوبًا لِلْأَبِ، وَجَعَلَ بَيْتَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: ٦١] وَإِذَا كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ جَنِينًا وَرَضِيعًا، وَالْمَرْأَةُ وِعَاءٌ: فَالْوَلَدُ زَرْعٌ لِلْأَبِ قَالَ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] . فَالْمَرْأَةُ هِيَ الْأَرْضُ الْمَزْرُوعَةُ، وَالزَّرْعُ فِيهَا لِلْأَبِ، وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَسْقِيَ الرَّجُلُ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» . يُرِيدُ بِهِ النَّهْيَ عَنْ وَطْءِ الْحَبَالَى، فَإِنَّ مَاءَ الْوَاطِئِ يَزِيدُ فِي الْحَمْلِ كَمَا يَزِيدُ الْمَاءُ فِي الزَّرْعِ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّحِيحِ: «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ مِنْ قَبْرِهِ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ، وَكَيْفَ يَسْتَعْبِدُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟» .

وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ لِلْأَبِ وَهُوَ زَرْعُهُ كَانَ هَذَا مُطَابِقًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» . وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ» فَقَدْ حَصَلَ الْوَلَدُ مِنْ كَسْبِهِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ؛ فَإِنَّ الزَّرْعَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ كَسْبُ الْمُزْدَرِعِ لَهُ الَّذِي بَذَرَهُ وَسَقَاهُ وَأَعْطَى أُجْرَةَ الْأَرْضِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ أَعْطَى الْمَرْأَةَ مَهْرَهَا، وَهُوَ أَجْرُ الْوَطْءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] . وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: ٢] .

وَقَدْ فُسِّرَ {مَا كَسَبَ} بِالْوَلَدِ. فَالْأُمُّ هِيَ الْحَرْثُ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>