للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «أَبِي مُوسَى قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ الْبِتْعِ وَهُوَ الْعَسَلُ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ. وَالْمِزْرِ وَهُوَ مِنْ الذُّرَةِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» " وَعَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبِتْعِ وَهُوَ نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ: كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ «رَجُلًا مِنْ الْيَمَنِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ، يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ فَقَالَ: أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ؛ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» .

فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ أَشْرِبَةٍ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ كَالْمِزْرِ وَغَيْرِهِ فَأَجَابَهُمْ بِكَلِمَةٍ جَامِعَةٍ، وَقَاعِدَةٍ عَامَّةٍ: «إنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَرَادَ كُلَّ شَرَابٍ كَانَ جِنْسُهُ مُسْكِرًا حَرَامٌ سَوَاءٌ سَكِرَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَسْكَرْ، كَمَا فِي خَمْرِ الْعِنَبِ. وَلَوْ أَرَادَ بِالْمُسْكِرِ الْقَدَحَ الْأَخِيرَ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ الشَّرَابُ كُلُّهُ حَرَامًا؛ وَلَكَانَ بَيَّنَ لَهُمْ؛ فَيَقُولُ اشْرَبُوا مِنْهُ وَلَا تَسْكَرُوا. وَلِأَنَّهُ «سَأَلَهُمْ عَنْ الْمِزْرِ أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» . فَلَمَّا سَأَلَهُمْ " أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ " إنَّمَا أَرَادَ يُسْكِرُ كَثِيرُهُ كَمَا يُقَالُ الْخُبْزُ يُشْبِعُ؛ وَالْمَاءُ يُرْوِي، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الرِّيُّ وَالشِّبَعُ بِالْكَثِيرِ مِنْهُ لَا بِالْقَلِيلِ.

كَذَلِكَ الْمُسْكِرُ إنَّمَا يَحْصُلُ السُّكْرُ بِالْكَثِيرِ مِنْهُ، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ: هُوَ مُسْكِرٌ. قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» فَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُسْكِرِ كَمَا يُرَادُ بِالْمُشْبِعِ وَالْمُرَوِّي وَنَحْوِهِمَا، وَلَمْ يُرِدْ آخِرَ قَدَحٍ؛ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ؛ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» وَفِي لَفْظٍ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَمَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْقَدَحِ الْأَخِيرِ لَا يَقُولُ: إنَّهُ خَمْرٌ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامًا.

وَفِي السُّنَنِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>