فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَنْ اعْتَاضَ بِذَلِكَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا يَرْجُو بِزَعْمِهِ نَفْعَهُ فِي الدُّنْيَا، كَمَا يَرْجُونَ بِمَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ السِّحْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْكَوَاكِبِ وَغَيْرِهَا مِثْلَ الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠٣] . فَبَيَّنَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالتَّقْوَى هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ تَعَالَى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: ٦٢] {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٣] {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: ٦٤] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: ٥٦] {وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف: ٥٧] .
فَأَخْبَرَ أَنَّ أَجْرَ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ مِمَّا يُعْطَوْنَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْمُلْكِ وَالْمَالِ كَمَا أُعْطِيَ يُوسُفَ. وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِسُوءِ عَاقِبَةِ مَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ وَالتَّقْوَى فِي غَيْرِ آيَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: ٦٩] . وَالْمُفْلِحُ الَّذِي يَنَالُ الْمَطْلُوبَ وَيَنْجُو مِنْ الْمَرْهُوبِ، فَالسَّاحِرُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ النُّجُومِ فَقَدْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ» .
وَالسِّحْرُ مُحَرَّمٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ أَنَّ النُّجُومَ الَّتِي مِنْ السِّحْرِ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا: عِلْمِيٌّ، وَهُوَ الِاسْتِدْلَال بِحَرَكَاتِ النُّجُومِ عَلَى الْحَوَادِثِ مِنْ جِنْسِ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute