يَتَوَاطَآ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ الذَّهَبَ بِخَرَزَةٍ، ثُمَّ يَبْتَاعَ الْخَرَزَةَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الذَّهَبِ، أَوْ يَتَوَاطَآ ثَالِثًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا، ثُمَّ يَبِيعَهُ الْمُبْتَاعُ لِمُعَامَلَةِ الْمُرَابِي، ثُمَّ يَبِيعَهُ الْمُرَابِي لِصَاحِبِهِ، وَهِيَ الْحِيلَةُ الْمُثَلَّثَةُ، أَوْ يُقِرُّونَ بِالْقَرْضِ مُحَابَاةً فِي بَيْعٍ، أَوْ إجَارَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِثْلُ أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا وَيَبِيعَهُ سِلْعَةً تُسَاوِي عَشَرَةً بِمِائَتَيْنِ، أَوْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ دَابَّةً تُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِخَمْسَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ الْحِيَلِ لَا تَزُولُ بِهِ الْمَفْسَدَةُ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَجْلِهَا الرِّبَا، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَلَا رِبْحٍ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ حِيَلِ الْيَهُودِ، فَإِنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَحَلُّوا الرِّبَا بِالْحِيَلِ، وَيُسَمُّونَهُ الْمُشْكِلَ، وَقَدْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتْ الْيَهُودُ فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ؛ أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» . وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ تَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ تَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ» . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» .
وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ وَدَلَائِلُ تَحْرِيمِ الْحِيَلِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالِاعْتِبَارِ كَثِيرَةٌ؛ ذَكَرْنَا مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ دَلِيلًا فِيمَا كَتَبْنَاهُ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرْنَا مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُجَوِّزُهَا كَيَمِينِ أَيُّوبَ، وَحَدِيثِ تَمْرِ خَيْبَرَ، وَمَقَارِيضِ السَّلَفِ، وَذَكَرْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute