بِهَا، وَعُضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» .
وَالْوَاجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَمَلُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ» .
وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ مُخْتَصَرًا فَنَقُولُ الْأَمْوَالُ الَّتِي لَهَا أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّتِي يَتَوَلَّى قَسْمَهَا وُلَاةُ الْأَمْرِ ثَلَاثَةٌ: مَالُ الْمَغَانِمِ: وَهَذَا لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ إلَّا الْخُمُسَ، فَإِنَّ مَصْرِفَهُ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} [الأنفال: ٤١] وَالْمَغَانِمُ مَا أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ بِالْقِتَالِ فَهَذِهِ الْمَغَانِمُ وَخُمُسُهَا.
وَالثَّانِي الْفَيْءُ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَشْرِ، حَيْثُ قَالَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] وَمَعْنَى قَوْلِهِ: مَا أَوَجَفْتُمْ أَيْ: مَا حَرَّكْتُمْ وَلَا أَعْمَلْتُمْ وَلَا سُقْتُمْ، يُقَالُ وَجَفَ الْبَعِيرُ يَجِفُ وُجُوفًا وَأَوْجَفْتُهُ إذَا سَارَ نَوْعًا مِنْ السَّيْرِ فَهَذَا هُوَ الْفَيْءُ الَّذِي أَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَهُوَ مَا صَارَ لِلْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقِتَالِ، أَيْ مَا قَاتَلْتُمْ عَلَيْهِ، فَمَا قَاتَلُوا عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُقَاتِلَةِ، وَمَا لَمْ يُقَاتِلُوا عَلَيْهِ فَهُوَ فَيْءٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَفَاءَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَأَحَلَّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ لِيَأْكُلُوا طَيِّبًا وَيَعْمَلُوا صَالِحًا، وَالْكُفَّارُ عَبَدُوا غَيْرَهُ فَصَارُوا غَيْرَ مُسْتَحِقِّينَ لِلْمَالِ، فَأَبَاحَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَأَنْ يَسْتَرِقُّوا أَنْفُسَهُمْ، وَأَنْ يَسْتَرْجِعُوا الْأَمْوَالَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَعَادَهَا اللَّهُ إلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ فَقَدْ فَاءَتْ؛ أَيْ رَجَعَتْ إلَى مُسْتَحِقِّهَا؛ وَلِهَذَا الْفَيْءُ يَدْخُلُ فِيهِ جِزْيَةُ الرُّءُوسِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute