للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكُهَّانُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَهُ مِنْ الْمُنَجِّمِينَ فِي الْأَحْكَامِ، وَمَعَ هَذَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ إتْيَانِهِمْ وَمَسْأَلَتِهِمْ، فَكَيْفَ بِالْمُنَجِّمِ،؟ وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ عَنْ هَذَا الْجَوَابِ.

وَأَمَّا مَا يُعْلَمُ بِالْحِسَابِ فَهُوَ مِثْلُ الْعِلْمِ بِأَوْقَاتِ الْفُصُولِ: كَأَوَّلِ الرَّبِيعِ، وَالصَّيْفِ، وَالْخَرِيفِ، وَالشِّتَاءِ لِمُحَاذَاةِ الشَّمْسِ أَوَائِلَ الْبُرُوجِ الَّتِي يَقُولُونَ فِيهَا إنَّ الشَّمْسَ نَزَلَتْ فِي بُرْجِ كَذَا؟ أَيْ حَاذَتْهُ. وَمَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ إنَّ الشَّمْسَ تُكْسَفُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِاسْتِسْرَارِ فَقَدْ غَلِطَ وَقَالَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ.

وَمَا يُرْوَى عَنْ الْوَاقِدِيِّ مِنْ ذِكْرِهِ «أَنَّ إبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ يَوْمَ الْعَاشِرِ مِنْ الشَّهْرِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْكُسُوفِ غَلَطٌ» . وَالْوَاقِدِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِمَسَانِيدِهِ، فَكَيْفَ بِمَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْنِدَهُ إلَى أَحَدٍ، وَهَذَا فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ خَطَأٌ، فَأَمَّا هَذَا فَيُعْلَمُ أَنَّهُ خَطَأٌ وَمَنْ جَوَّزَ هَذَا فَقَدْ قَفَا مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَمَنْ حَاجَّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ حَاجَّ فِيمَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ اجْتِمَاعِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ، فَهَذَا ذَكَرُوهُ فِي ضِمْنِ كَلَامِهِمْ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَغَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ رَأَوْا اجْتِمَاعَهَا مَعَ الْوِتْرِ وَالظُّهْرِ، وَذَكَرُوا صَلَاةَ الْعِيدِ مَعَ عَدَمِ اسْتِحْضَارِهِمْ هَلْ يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْعَادَةِ أَوْ لَا يُمْكِنُ، فَلَا يُوجَدُ فِي تَقْدِيرِهِمْ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِوُجُودِ ذَلِكَ فِي الْخَارِجِ، لَكِنْ لِيَسْتَفِيدَ مِنْ ذَلِكَ الْعِلْمِ: عُلِمَ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ، كَمَا يُقَدِّرُونَ مَسَائِلَ يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَقَعُ لِتَحْرِيرِ الْقَوَاعِدِ وَتَمْرِينِ الْأَذْهَانِ عَلَى ضَبْطِهَا. وَأَمَّا تَصْدِيقُ الْمُخْبِرِ بِذَلِكَ وَتَكْذِيبُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَدَّقَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ صِدْقُهُ، وَلَا يُكَذَّبَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ كَذِبُهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، فَإِمَّا أَنْ يُحَدِّثُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوهُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُحَدِّثُوكُمْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوهُمْ» . وَالْعِلْمُ بِوَقْتِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا، لَكِنَّ هَذَا الْمُخْبِرَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَكُونُ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَقَدْ يَكُونُ ثِقَةً فِي خَبَرِهِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ.

وَخَبَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>