فِي الْحَلِفِ، فَإِذَا تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَسْأَلَةٍ وَجَبَ رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، فَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ، كَقَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، وَبَيْنَ الْيَمِينِ بِذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسُ، فَإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١] ، وَذَكَرَ حُكْمَ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] .
وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» .
فَمَنْ جَعَلَ الْيَمِينَ بِهَا لَهَا حُكْمٌ.
وَالنَّذْرُ وَالْإِعْتَاقُ وَالتَّطْلِيقُ لَهُ حُكْمٌ آخَرُ كَانَ قَوْلُهُ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَمَنْ جَعَلَ هَذَا وَهَذَا سَوَاءً فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ.
وَمَنْ ظَنَّ فِي هَذَا إجْمَاعًا كَانَ ظَنُّهُ بِحَسَبِ عِلْمِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ نِزَاعًا، وَكَيْفَ تَجْتَمِعُ الْأُمَّةُ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ مَرْجُوحٍ لَيْسَ عَلَيْهِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ، بَلْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ يُخَالِفُهُ.
وَالصِّيَغُ ثَلَاثَةٌ: صِيغَةُ إيقَاعٍ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَهَذِهِ لَيْسَتْ يَمِينًا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَصِيغَةُ قَسَمٍ كَقَوْلِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، فَهَذِهِ صِيغَةُ يَمِينٍ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ.
وَصِيغَةُ تَعْلِيقٍ، كَقَوْلِهِ: إنْ زَنَيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهَذَا إنْ قَصَدَ بِهِ الْإِيقَاعَ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ بِأَنْ يَكُونَ يُرِيدُ إذَا زَنَتْ، إيقَاعَ الطَّلَاقِ وَلَا يُقِيمُ مَعَ زَانِيَةٍ، فَهَذَا إيقَاعٌ وَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنْ قَصَدَ مَنْعَهَا وَزَجْرَهَا وَلَا يُرِيدُ طَلَاقَهَا إذَا زَنَتْ، فَهَذَا يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute