للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦] .

وَقَوْلُهُ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠] يَعُمُّ آدَمَ وَبَنِيهِ؛ لَكِنَّ الِاسْمَ مُتَنَاوِلٌ لِآدَمَ عَيْنًا، كَقَوْلِهِ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: ٤] وَقَوْلِهِ: {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن: ١٤] {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: ١٥] وَقَوْلِهِ: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: ٧] {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: ٨] {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون: ١٣] إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ.

وَلِهَذَا كَانَ بَيْنَ " دَاوُد، وَآدَمَ " مِنْ الْمُنَاسَبَةِ مَا أَحَبَّ بِهِ دَاوُد حِينَ أَرَاهُ ذُرِّيَّتَهُ، وَسَأَلَ عَنْ عُمْرِهِ؟ فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً.

فَوَهَبَهُ مِنْ عُمْرِهِ الَّذِي هُوَ أَلْفُ سَنَةٍ سِتِّينَ سَنَةً.

وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ؛ وَلِهَذَا كِلَاهُمَا اُبْتُلِيَ بِمَا ابْتَلَاهُ بِهِ مِنْ الْخَطِيئَةِ، كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنَاسِبَةٌ لِلْأُخْرَى.

إذْ جِنْسُ الشَّهْوَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَرَفَعَ دَرَجَتَهُ بِالتَّوْبَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي نَالَ بِهَا مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ وَفَرَحِهِ بِهِ مَا نَالَ، وَيُذْكَرُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْبُكَاءِ وَالنَّدَمِ وَالْحُزْنِ مَا يُنَاسِبُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

" وَالْخَلِيفَةُ " هُوَ مَنْ كَانَ خَلَفًا عَنْ غَيْرِهِ. فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَافَرَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا» وَقَالَ: «أَوَكُلَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>