للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوَاضِعِهِ، وَهَؤُلَاءِ يَقْصِدُ أَحَدُهُمْ تَعْظِيمَ الْأَنْبِيَاءِ فَيَقَعُ فِي تَكْذِيبِهِمْ، وَيُرِيدُ الْإِيمَانَ بِهِمْ فَيَقَعُ فِي الْكُفْرِ بِهِمْ.

ثُمَّ إنَّ الْعِصْمَةَ الْمَعْلُومَةَ بِدَلِيلِ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْإِجْمَاعِ، وَهِيَ " الْعِصْمَةُ فِي التَّبْلِيغِ " لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَا إذْ كَانُوا لَا يُقِرُّونَ بِمُوجِبٍ مَا بَلَّغَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ، وَإِنَّمَا يُقِرُّونَ بِلَفْظٍ حَرَّفُوا مَعْنَاهُ أَوْ كَانُوا فِيهِ كَالْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ، وَالْعِصْمَةُ الَّتِي كَانُوا ادَّعَوْهَا لَوْ كَانَتْ ثَابِتَةً لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَا وَلَا حَاجَةَ بِهِمْ إلَيْهَا عِنْدَهُمْ، فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِغَيْرِهِمْ لَا بِمَا أُمِرُوا بِالْإِيمَانِ بِهِ، فَيَتَكَلَّمُ أَحَدُهُمْ فِيهَا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ مِنْ اللَّهِ، وَيَدَعُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ تَصْدِيقِ الْأَنْبِيَاءِ وَطَاعَتِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ السَّعَادَةُ وَبِضِدِّهِ تَحْصُلُ الشَّقَاوَةُ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} [النور: ٥٤] الْآيَةَ.

وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ إلَّا مَقْرُونًا بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، كَقَوْلِ آدَمَ وَزَوْجَتِهِ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣] . وَقَوْلِ نُوحٍ: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: ٤٧] ، وَقَوْلِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: ٤١] . وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: ٨٢] . وَقَوْلِ مُوسَى: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ - وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٥ - ١٥٦] .

وَقَوْلِهِ: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: ١٦] . وَقَوْلِهِ: {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: ١٤٣] . وقَوْله تَعَالَى عَنْ دَاوُد:

<<  <  ج: ص:  >  >>