وَمَتَى زَالَ الْمَانِعُ مِنْ تَكْلِيفِهِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ لَزِمَتْهُ إنْ أَدْرَكَ فِيهَا قَدْرَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَقَالَةٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ بِحَجٍّ وَلَا تَضْعِيفٍ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ إجْمَاعًا، وَتَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا لَا يُشْرَعُ لَهُ قَضَاؤُهَا وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، بَلْ يُكْثِرُ مِنْ التَّطَوُّعِ، وَكَذَا الصَّوْمُ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ: كَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ، وَدَاوُد وَأَتْبَاعِهِ، وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يُخَالِفُ هَذَا، بَلْ يُوَافِقُهُ، «وَأَمْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْمُجَامِعِ بِالْقَضَاءِ» ضَعِيفٌ لِعُدُولِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي " الِانْتِصَارِ ": إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَكُونُ عَاصِيًا بِالْإِجْمَاعِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَمَلُ عِصْيَانُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَقَضَاءِ الصَّلَاةِ، وَالنَّذْرِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَعْصِي وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلِأَنَّ مَا وَجَبَ وُجُوبًا مُوَسَّعًا لَا يَعْصِي مَنْ أَخَّرَهُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ إذَا مَاتَ، كَالْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: أَمَّا قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ فَعِنْدَنَا عَلَى الْفَوْرِ، وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا تُنَاظِرُ الْمَسْأَلَةَ، وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا قَضَاءُ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ وَقْتٌ مُوَسَّعٌ، وَالْمَذَاهِبُ هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ بَعْدَ اسْتِطَاعَةِ الْقَضَاءِ أَطْعَمَ عَنْهُ، الْمَشْهُورُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَعْصِي فَيُتَوَجَّهُ التَّخْرِيجُ فِيهِمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ اتَّفَقَ عَلَى الْإِيجَابِ الْمُوَسَّعِ فِي الْقَضَاءِ، وَالْحَجِّ، وَالْكَفَّارَةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ فِيهِ مَا هُوَ مُضَيَّقٌ وَمَا هُوَ عَلَى التَّرَاخِي، وَيَجِبُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.
وَالنَّائِمُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ الصَّلَاةَ حَالَ نَوْمِهِ بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ هَلْ وَجَبَتْ فِي ذِمَّتِهِ؟ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلهَا إذَا اسْتَيْقَظَ، أَوْ يُقَالُ لَمْ تَجِبْ فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: عَلَى أَنَّهَا قَضَاءٌ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ أَدَاءٌ وَالنِّزَاعَانِ لَفْظِيَّانِ وَيُشْبِهُ هَذَا النِّزَاعَ فِيمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِي الْوَاجِبِ عَلَى التَّرَاخِي أَنَّهُ يَمُوتُ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ فَلَوْ لَمْ يَمُتْ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute