للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخُوفًا عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ وَالْمَرِيضُ قَدْ يَخَافُ مِنْهُ أَوْ هُوَ مَخُوفٌ وَالرَّجُلُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ فَيُخْلَطُ مَا هُوَ مَخُوفٌ لِلْمُتَبَرِّعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا عِنْدَ جُمْهُورِ النَّاسِ، ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَا يَقْبِضُ الْهِبَةَ وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا مَعَ كَوْنِهَا مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِجَازَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَوْهُوبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يَذْهَبْ لِعِلَّةٍ حَيْثُ شَاءَ. وَإِرْسَالُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ أَوْ إرْسَالُ الْمُحَابِي لَا يَجُوزُ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُوقَفَ أَمْرُ التَّبَرُّعَاتِ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ الْوَارِثُ مِنْ رَدِّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ إذَا شَاءَ وَلِتِلْكَ الْوَرَثَةِ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَى الْمَرِيضِ إذَا اتَّهَمُوهُ بِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِثْلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَيَهَبَ وَيُحَابِيَ وَلَا يَحْسِبُ ذَلِكَ أَوْ يَخَافُونَ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ الْمَالِ لِإِنْسَانٍ يَمْتَنِعُ عَطِيَّتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِ وَكِيلٍ أَوْ شَرِيكٍ أَوْ مُضَارِبٍ وَأَرَادُوا الِاحْتِيَاطَ عَلَى مَا بِيَدِهِ بِأَنْ يَجْعَلُوا مَعَهُ يَدًا أُخْرَى لَهُمْ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ ذَلِكَ أَيْضًا وَهَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ عَيْنٍ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْعَبْدِ كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَالتَّرِكَةِ فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُثْبِتَ يَدَهُ عَلَى مَالِهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا بِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ ائْتَمَنَهُ بِدُخُولِهِ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَوَكِيلِهِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَأْتَمِنُوهُ وَدَعْوَى الْمَرِيضِ فِيمَا خَرَجَ مِنْ الْعَادَةِ يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَمَنَافِعُهُ لَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِسْرَافُ الْمَرِيضِ فِي الْمَلَاذِّ وَالشَّهَوَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَوَازُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ يَا سَالِمُ إذَا أَعْتَقْتُ غَانِمًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ أَنْت حُرٌّ فِي حَالِ إعْتَاقِي إيَّاهُ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَحْتَمِلْهُمَا الثُّلُثُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ عَتَقَ دُونَ غَانِمٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ إذَا أَعْتَقْتُ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ أَوْ قَالَ إذَا أَعْتَقْتُ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ فَبِهَذَا يَعْتِقُ سَالِمٌ وَحْدَهُ لِأَنَّ عِتْقَ غَانِمٍ مُعَلَّقٌ بِوُجُودِ عِتْقِهِ لَا بِوُجُودِ إعْتَاقِهِ وَلَوْ وَصَّى لِوَارِثٍ أَوَّلًا حِينَ يُزَايِدُ عَلَى الثُّلُثِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي صَحَّتْ الْإِجَازَةُ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا قَبْلَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَخَرَّجَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ رِوَايَةً مِنْ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِإِسْقَاطِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ وَقَالَ: ظَنَنْت قِيمَتَهُ أَلْفًا فَبَانَتْ أَكْثَرَ قُبِلَ وَكَذَا لَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ أَصْلَ الْوَصِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>