نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي رَجُلٍ مَشَى إلَيْهِ قَوْمُهُ فَقَالُوا: زَوِّجْ فُلَانًا فَقَالَ: زَوَّجْته عَلَى أَلْفٍ فَرَجَعُوا إلَى الزَّوْجِ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ قَدْ قَبِلْت هَلْ يَكُونُ هَذَا نِكَاحًا قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ هَذَا يُعْطِي أَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ صَحِيحٌ.
وَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيمَا قَالَهُ وَهُوَ طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ تَرَاخِيًا لِلْقَبُولِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَإِنَّمَا هُوَ تَرَاخٍ لِلْإِجَازَةِ وَمَسْأَلَةُ أَبِي طَالِبٍ وَكَلَامُ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ وَهَذَا أَحْسَنُ أَمَّا إذَا تَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْإِيجَابِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَبِي بَكْرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْعَاقِدَ الْآخَرَ إنْ كَانَ حَاضِرًا اُعْتُبِرَ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا جَازَ تَرَاخِي الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ كَمَا قُلْنَا فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ مَعَ أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا فِي الْوَكَالَةِ: إنَّهُ يَجُوزُ قَبُولُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي وَإِنَّمَا الْوِلَايَةُ نَوْعٌ مِنْ جِنْسِ الْوَكَالَةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي تَتِمَّةِ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت صَحَّ إذَا حَضَرَ شَاهِدَانِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهُوَ يَقْضِي بِأَنَّ إجَازَةَ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ إذَا قُلْنَا بِانْعِقَادِهِ تَفْتَقِرُ إلَى شَاهِدَيْنِ وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ حَسَنٌ.
وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْأَخْرَسِ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْأَخْرَسِ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَتْ لَهُ إشَارَةٌ تُفْهَمُ وَمَفْهُومُ هَذَا الْكَلَامِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَخْرَسُ وَلِيًّا وَلَا وَكِيلًا فِي النِّكَاحِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لَهُ تَعْلِيلُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لَا وَكِيلًا وَهُوَ أَقْيَسُ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ فِي الْإِجْبَارِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُ بِنْتِ التِّسْعِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَرِضَا الثَّيِّبِ الْكَلَامُ وَالْبِكْرِ الصُّمَاتُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: بَعْدَ ذِكْرِهِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ تُزَوَّجُ الْمُثَابَةُ بِالْجَبْرِ كَمَا تُزَوَّجُ الْبِكْرُ هَذَا قَوْلٌ قَوِيٌّ وَإِذَا تَعَذَّرَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ إلَى أَصْلَحِ مَنْ يُوجَدُ مِمَّنْ لَهُ نَوْعُ وِلَايَةٍ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَرَئِيسِ الْقَرْيَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالدُّهْقَانِ وَأَمِيرِ الْقَافِلَةِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ فِي الْبَلَدِ يَكُونُ فِيهِ الْوَالِي، وَلَيْسَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute