للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْعِتْقُ إذَا قَالَ قَدْ جَعَلْت عِتْقَكِ صَدَاقَكِ فَلَمْ تَقْبَلْ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَصِرْ صَدَاقًا وَهُوَ لَمْ يُوقِعْ غَيْرَ ذَلِكَ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَصِحَّ، وَإِنْ قَبِلَتْ لِأَنَّ هَذَا الْقَبُولَ لَا يَصِيرُ بِهِ الْعِتْقُ صَدَاقًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَا قَالَ وَيُتَوَجَّهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا إنْ قَبِلَتْ صَارَتْ زَوْجَةً وَإِلَّا عَتَقَتْ مَجَّانًا أَوْ لَمْ تَعْتِقْ بِحَالٍ وَإِذَا قُلْنَا: إلْحَاقُ الشَّرْطِ لَا يُغَيِّرُ الطَّلَاقَ فَإِلْحَاقُ الْعَطْفِ فِي النِّكَاحِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَتَجِبُ قِيمَةُ نَفْسِهَا وَيَتَخَرَّجُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ أَوْ اعْتِبَارُ إذْنِهَا مِنْ عِتْقِهَا بِجَنْبِ حُرٍّ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا فِي رِوَايَةٍ.

وَكَذَلِكَ إذَا عَتَقَا مَعًا فَإِذَا كَانَ حُدُوثُ الْحُرِّيَّةِ بَعْدَ الْعِتْقِ يَثْبُتُ الْفَسْخُ فَالْمُقَارِنَةُ أَوْلَى أَنْ تُثْبِتَ الْفَسْخَ وَلَوْ أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الْعِتْقَ صَدَاقًا كَانَ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ جُعِلَ مَلَكَ بَعْضًا وَقْتَ حُرِّيَّتِهَا وَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَزَوِّجَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: إذَا قَالَ: زَوَّجْتُك هَذِهِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَيَكُونُ هُوَ الْمُصَدِّقَ لَهَا عَنْ الزَّوْجِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ السَّيِّدُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهِيَ رَقِيقَةٌ وَعَلَى هَذَا فَسَوَاءٌ قَالَ أَعَتَقْتهَا وَزَوَّجْتهَا مِنْك أَوْ زَوَّجْتهَا مِنْك وَأَعْتَقْتهَا وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْت أَمَتِي وَزَوَّجْتُكَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ فَهُوَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَعْتَقْتهَا وَأَكْرَيْتُهَا مِنْك سَنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ.

وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَعْتِقُك عَلَى خِدْمَةِ سَنَةٍ وَلَوْ قَالَ عَتَقْتُكِ وَتَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ صَحَّ هَذَا النِّكَاحُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْعِتْقَ صَدَاقًا وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَزَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ وَهَبْتُك وَأَكْرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ بِعْتُكهَا وَزَوَّجْتهَا أَوْ أَكَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى اسْتِثْنَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَحَاصِلُهُ. إنَّا كَمَا جَوَّزْنَا الْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالْبَيْعَ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةِ الْخِدْمَةِ جَوَّزْنَا أَنْ يَكُونَ الْإِعْتَاقُ وَالْإِنْكَاحُ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَجَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْكَاحِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهَا حِينَ الْإِعْتَاقِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه كَلَامُ أَحْمَدَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَلَا لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ وَأَنَّ الْكَفَاءَةَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْأُمُورِ الْمَالِيَّةِ مِثْلُ مَهْرِ الْمَرْأَةِ إنْ أَحَبَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>