وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: كَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَوْجَبَ حَدَّ الْمُرْتَدِّ لِاسْتِحْلَالِ ذَلِكَ لَا حَدَّ الزِّنَى وَذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الْبَرَاءَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْتِحْلَالَ هَذَا كُفْرٌ عِنْدَهُ.
قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَالشَّيْخُ فِي " الْمُغْنِي " يَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا بِنْتُهُ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ لِغَيْرِهِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ:
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الشُّبْهَةَ تَكْفِي فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ ابْنِ زَمْعَةَ؟ وَقَالَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَقَالَ: «إنَّمَا حَجَبَهَا لِلشَّيْءِ الَّذِي رَأَى بِعَيْنِهِ» . قَالَ الْقَاضِي: وَالْخَلْوَةُ إنْ تَجَرَّدَتْ عَنْ نَظَرٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ دُونَ الْفَرْجِ فَرِوَايَتَانِ قَالَ وَفِيمَا أُطْلِقَ الْقَوْلُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ إذَا خَلَا بِهَا وَجَبَ الصَّدَاقُ، وَالْعِدَّةُ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا وَبِنْتَهَا وَلَا تَحِلُّ الْمَرْأَةُ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ.
قَالَ: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ مَعَ الْخَلْوَةِ نَظَرًا أَوْ مُبَاشَرَةً فَيُخَرَّجُ كَلَامُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ:
وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا الْخَلْوَةُ هُنَا إنْ اتَّصَلَتْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ قَامَتْ مَقَامَ الْوَطْءِ، فَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِالْأَمَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ فَلَا أَثَرَ لَهَا، وَسِحَاقُ النِّسَاءِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ أَنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُبَاشَرَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِشَهْوَةٍ، وَيُحَرَّمُ بِنْتُ الرَّبِيبَةِ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ وَبِنْتُ الرَّبِيبِ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِمَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا وَتُحَرَّمُ زَوْجَةُ الرَّبِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ. وَكَذَا فِي الرَّبِيبِ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةَ رَابِّهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَبْنَاءِ.
وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَوُّطِ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْفَاعِلَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ الْمَفْعُولِ وَكَذَلِكَ أُمُّهُ وَهَذَا قِيَاسٌ جَيِّدٌ، فَأَمَّا تَزَوُّجُ الْمَفْعُولِ بِأُمِّ الْفَاعِلِ وَابْنَتِهِ فَفِيهِ [خِلَافٌ] ، وَلَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا تَمَتَّعَ بِأَصْلٍ وَفَرْعٍ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute