الْقَاضِيَ وَغَيْرَهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ شَرْطًا لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلَهَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَتْ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي صِحَّةَ كُلِّ شَرْطٍ لَهَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا يَمْنَعُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَنِيَّةُ ذَلِكَ كَشَرْطِهِ وَأَمَانِيه الِاسْتِمْتَاعُ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.
وَمَنْ نِيَّتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي وَقْتٍ أَوْ عِنْدَ سَفَرِهِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَلَا الْجَامِعِ وَلَا ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ.
وَذَكَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ وَقَالَ النِّكَاحُ صَحِيحٌ لَا بَأْسَ بِهِ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ تَصْرِيحًا إلَّا أَبَا مُحَمَّدٍ وَأَمَّا الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ فَسَوَّى بَيْنَ نِيَّتِهِ عَلَى طَلَاقِهَا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ التَّحْلِيلِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَأَصْحَابُ الْخِلَافِ وَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الثَّانِي أَنَّهُ نَوَى التَّحْلِيلَ أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ فِي بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةُ إقْرَارٍ عَلَى التَّوَاطُؤِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَتَحِلُّ فِي الظَّاهِرِ بِهَذَا النِّكَاحِ إلَّا أَنْ يُصَدَّقَ عَلَى إفْسَادِهِ فَأَمَّا إنْ كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالتَّحْلِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ اشْتِرَاطِهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ.
وَأَمَّا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ الزَّوْجِ الثَّانِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ تَقَدَّمَ شَرْطٌ عُرْفِيٌّ أَوْ لَفْظِيٌّ بِنِكَاحِ التَّحْلِيلِ وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ إلَى نِكَاحِ الرَّغْبَةِ قُبِلَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ إنْ صَحَّحْنَا هَذَا الْعَقْدَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ وَلَوْ صُدِّقَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ كَانَ فَاسِدًا فَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ لِاعْتِرَافِهَا بِالتَّحْرِيمِ عَلَيْهِ.
وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ بِأَمَةٍ حُرٌّ بِفِدْيَةِ وَالِدَةٍ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ مَحْضَةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ضَمَانَ جِنَايَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ بِحَالٍ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ ضَمَانَ عَقْدٍ أَوْ ضَمَانَ يَدٍ فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ ضَمَانَ إتْلَافٍ أَوْ مَنْعٍ لِمَا كَانَ يَنْعَقِدُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ كَضَمَانِ الْجَنِينِ وَفَارَقَ مَا لَوْ اسْتَدَانَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ قَبَضَ الْمَالَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَهُنَا قَبَضَ مَالِيَّةَ الْأَوْلَادِ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ فَهِيَ جِنَايَةٌ مَحْضَةٌ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ أَوْ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى رِوَايَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute