للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَنَوُّعِ الْأَحْوَالِ فَخِدْمَةُ الْبَدْوِيَّةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الْقَرَوِيَّةِ وَخِدْمَةُ الْقَوِيَّةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الضَّعِيفَةِ وَقَالَهُ الْجُوزَجَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَيَتَخَرَّجُ مِنْ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ لِحَاجَتِهِ إلَى الْخِدْمَةِ لَا إلَى الِاسْتِمْتَاعِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْإِذْنِ لِلذِّمِّيَّةِ بِالْخُرُوجِ إلَى الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلْمُسْلِمَةِ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي إنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ ذِمِّيَّةً فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْكَنِيسَةِ وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ فَإِذَا نَهَاهَا لَمْ تَخْرُجْ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ شُهُودِ جِنَازَتِهِ فَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَهَلْ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَمْنَعْ كَعَمَلِ الصِّنَاعَةِ أَوْ لَا تَفْعَلَ إلَّا بِإِذْنٍ كَالصِّيَامِ، تَرَدَّدَ فِيهِ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الْقُبْلَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الزَّوْجَةِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَمَا أَرَاهُ صَحِيحًا بَلْ تُجْبَرُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمُبَاحَةِ وَلَوْ تَطَاوَعَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَهُ أَصْحَابُنَا وَعَلَى قِيَاسِهِ الْمُطَاوَعَةُ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ.

وَتَهْجُرُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي الْمَضْجَعِ لِحَقِّ اللَّهِ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَيَنْبَغِي أَنْ تَمْلِكَ النَّفَقَةَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الصَّدَاقِ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْءُ امْرَأَتِهِ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا مَا لَمْ يُنْهِكْ بَدَنَهُ أَوْ تَشْغَلْهُ عَنْ مَعِيشَتِهِ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَالْأَمَةِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ كَالنَّفَقَةِ وَكَوَطْئِهِ إذَا زَادَ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّرَ قَسْمُ الِابْتِدَاءِ الْوَاجِبِ كَمَا لَا يَتَقَدَّرُ الْوَطْءُ بَلْ يَكُونُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ جَوَازُ التَّزَوُّجِ بِأَرْبَعٍ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ يَكُونُ لَهَا حَالَ الِانْفِرَادَ مَا لَهَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ وَعَلَى هَذَا فَتُحْمَلُ قِصَّةُ كَعْبِ بْنِ سَوْرٍ عَلَى أَنَّهُ تَقْدِيرُ شَخْصٍ لَا يُرَاعَى كَمَا لَوْ فَرَضَ النَّفَقَةَ وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَبِيتُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ وَهَذَا الْمَبِيتُ يَتَضَمَّنُ سُنَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْمُجَامَعَةُ فِي الْمَنْزِلِ وَالثَّانِيَةُ فِي الْمَضْجَعِ وقَوْله تَعَالَى {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: ٣٤] مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا يَهْجُرُ إلَّا فِي الْمَضْجَعِ» دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَبِيتِ فِي الْمَضْجَعِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَهْجُرُ الْمَنْزِلَ.

وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْمَبِيتِ فِي الْمَضْجَعِ وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي النُّشُوزِ إذَا نَشَزَتْ هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِدُونِ ذَلِكَ وَحُصُولُ الضَّرَرِ لِلزَّوْجَةِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>