للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّرِيقَةِ الْخَرَسَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَسْخٌ هُوَ فَسْخٌ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ مَنْ صَرَّحَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذْهَبَيْنِ وَإِنْ كَانَ شَارِحُ الْوَجِيزِ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ الْعِرَاقِيِّينَ كَأَبِي إِسْحَاقَ فِي خِلَافِهِ وَغَيْرِهِ وَفِي مَعْنَى الْخُلْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَالٍ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْغَارِمِ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ مَالًا مِنْ عِنْدِهِ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِمَّنْ طَلَاقُهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْوَكَالَةِ وَالْوِلَايَةِ كَالْحَاكِمِ فِي الشِّقَاقِ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ أَوْ الْإِعْسَارِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَمْلِكُ الْحَاكِمُ الْفُرْقَةَ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَالسَّفِيهَ يَصِحُّ طَلَاقُهُمَا بِلَا عِوَضٍ فَبِالْعِوَضِ أَوْلَى لَكِنْ قَدْ يُقَالُ فِي قَبُولِهِمَا لِلْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ وَجْهَانِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ صَحِيحٌ فَلَا يَخْرُجُ الْخِلَافُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ تَحْتَ حِجْرِ الْأَبِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ إذَا كَانَ لَهَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ وَتُخَرَّجُ أُصُولٌ لِأَحْمَدَ وَالْخُلْعُ بِعِوَضٍ فَسْخٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَلَوْ وَقَعَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ.

وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ لَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَلَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَلَا قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ فِي الْخُلْعِ بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ لَا لَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ أَلْفَاظُهُمْ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ فَسْخٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَأَيْت أَبِي يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كُلُّ مَا أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه الْقِيَاسُ أَنَّهُمَا إذَا طَلَّقَهَا لِنِكَاحٍ ثَبَتَ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَهَكَذَا الْخُلْعُ وَأَوْلَى وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ هَلْ لِلزَّوْجِ إبَانَةُ امْرَأَتِهِ بِلَا عِوَضٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبِينَهَا إلَّا بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ طَلَاقٌ وَقَعَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِلَا عِوَضٍ فَرَجْعِيٌّ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي إبَانَتُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ مُطْلَقًا بِاخْتِيَارِهَا وَغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَهُ إبَانَتُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ فَإِذَا اخْتَارَتْ الْإِبَانَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَهُ أَنْ يُبِينَهَا وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَيَقَعُ بِهِ الْبَيْنُونَةُ إمَّا طَلَاقًا وَإِمَّا فَسْخًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْقَاسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>