للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةٌ لِعَدَدِ الدُّورِ وَقُرْعَةٌ لِتَعْيِينِ ذَاتِ السَّهْمِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ حَقٍّ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ وَجَهِلْنَا الْقَدْرَ فَيَقْرَعُ لِلْقَدْرِ فَيَكْتُبُ رِقَاعًا بِأَسْمَاءِ الْعَدَدِ أُخْرِجَ لِعَدَدِ الْحَقِّ الْفُلَانِيِّ.

وَالشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا يَسْمَعُ وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ تُعَيِّنُ مَا دَخَلَ فِي اللَّفْظِ قُبِلَتْ. وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالدَّيْنِ لَا تُقْبَلُ إلَّا مُفَسِّرَةً لِلنَّسَبِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ زَيْدًا يَسْتَحِقُّ مِنْ مِيرَاثِ مُوَرِّثِهِ قَدْرًا مُعَيَّنًا أَوْ مِنْ وَقْفِ كَذَا وَكَذَا جُزْءًا مُعَيَّنًا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ نَصِيبَ فُلَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكُلُّ هَذَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ إلَّا مَعَ إثْبَاتِ النَّسَبِ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْمِيرَاثِ وَالْوَقْفِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُدْرَكُ بِالْيَقِينِ تَارَةً وَبِالِاجْتِهَادِ أُخْرَى فَلَا تُقْبَلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ سَبَبُ الِانْتِقَالِ بِأَنْ يَشْهَدَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَبِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ يَشْهَدَا بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَبِمَنْ خَلَفَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنَّ ذَلِكَ السَّبَبَ يُفِيدُ الِانْتِقَالَ حَكَمَ بِهِ وَإِلَّا رُدَّتْ الشَّهَادَةُ وَقَبُولُ مِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَاتِ يُوجِبُ أَنْ تَشْهَدَ الشُّهُودُ بِكُلِّ حُكْمٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ أَوْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحُكَّامِ الْحُكْمُ بِذَلِكَ فَتَصِيرُ مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ مَشْهُودًا بِهَا حَتَّى لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِمَارِيَّةِ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ التَّشْرِيكَ يَتَعَيَّنُ أَنْ تُرَدَّ مِثْلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ الْمُطْلَقَةُ.

وقَوْله تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] يَقْتَضِي أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مَنْ رَضُوهُ شَهِيدًا بَيْنَهُمْ وَلَا يُنْظَرُ إلَى عَدَالَتِهِ كَمَا يَكُونُ مَقْبُولًا عَلَيْهِمْ فِيمَا ائْتَمَنُوهُ عَلَيْهِ. وقَوْله تَعَالَى فِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ {الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ} [المائدة: ١٠٦] أَيْ صَاحِبَا عَدْلٍ، الْعَدْلُ فِي الْمَقَالِ هُوَ الصِّدْقُ وَالْبَيَانُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكَذِبِ وَالْكِتْمَانِ كَمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: ١٥٢] وَالْعَدْلُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَطَائِفَةٍ بِحَسَبِهَا فَيَكُونُ الشَّاهِدُ فِي كُلِّ قَوْمٍ مَنْ كَانَ ذَا عَدْلٍ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ لَوْ كَانَ فِي غَيْرِهِمْ لَكَانَ عَدْلُهُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ. وَبِهَذَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِلَّا فَلَوْ اُعْتُبِرَ فِي شُهُودِ كُلِّ طَائِفَةٍ أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ إلَّا مَنْ يَكُونُ قَائِمًا بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ لَبَطَلَتْ الشَّهَادَاتُ كُلُّهَا أَوْ غَالِبُهَا.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا فُسِّرَ الْفَاسِقُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْفَاجِرِ وَبِالْمُتَّهَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>