للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَاقِيهَا، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعِهَا، وَعَاصِرِهَا، وَمُعْتَصِرِهَا، وَحَامِلِهَا، وَالْمَحْمُولَةِ إلَيْهِ، وَآكِلِ ثَمَنِهَا» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو دَاوُد، وَلَفْظُهُ: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ» - وَلَمْ يَذْكُرْ " وَآكِلَ ثَمَنِهَا ".

وَلَمْ يَقُلْ عَشَرَةً. وَقَالَ بَدَلَ أَبِي طُعْمَةَ، أَوْ عَلْقَمَةَ، وَالصَّوَابُ أَبُو طُعْمَةَ. وَأَبُو طُعْمَةَ هَذَا قَالَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ: ثِقَةٌ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَوَكِيعٌ ثِقَتَانِ نَبِيلَانِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ حَدِيثٌ جَيِّدٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، وَمِنْ حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ يَزِيدَ عُفَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَهَذِهِ طُرُقٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَفِي الْبَابِ ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْضًا.

فَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ عَاصِرَ الْخَمْرِ وَمُعْتَصِرَهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْصِرُ عِنَبًا فَيَصِيرُ عَصِيرًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ يُخَمَّرُ، وَقَدْ لَا يُخَمَّرُ، وَلَكِنْ لَمَّا قَصَدَ بِالِاعْتِصَارِ تَصْيِيرَهُ خَمْرًا اسْتَحَقَّ اللَّعْنَةَ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ، فَثَبَتَ أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا مُحَرَّمٌ، فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ بَاطِلَةً وَالْأُجْرَةُ مُحَرَّمَةً.

وَإِذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ الَّتِي يُعِينُ بِهَا غَيْرَهُ فِي شَيْءٍ قَصَدَ بِهِ الْمَعْصِيَةَ إجَارَةً مُحَرَّمَةً بَاطِلَةً، فَبَيْعُ نَفْسِ الْعِنَبِ، أَوْ الْعَصِيرِ لِمَنْ يَتَّخِذْهُ خَمْرًا أَقْرَبُ إلَى التَّحْرِيمِ وَالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخَمْرِ مِنْ عَمَلِ الْعَاصِرِ، وَقَدْ يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: «وَبَائِعِهَا وَمُبْتَاعِهَا وَحَامِلِهَا وَالْمَحْمُولَةِ إلَيْهِ وَآكِلِ ثَمَنِهَا» يَدْخُلُ فِي هَذَا عَيْنُ الْخَمْرِ وَعَصِيرُهَا وَعِنَبُهَا، كَمَا دَخَلَ الْعِنَبُ وَالْعَصِيرُ فِي الْعَاصِرِ وَالْمُعْتَصِرِ، لِأَنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَلْعُونِينَ مَنْ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا فِي عَيْنِ الْخَمْرِ، كَالسَّاقِي، وَالشَّارِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا فِي الْعِنَبِ وَالْعَصِيرِ كَالْعَاصِرِ وَالْمُعْتَصِرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِيهِمَا جَمِيعًا.

يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: قِيلَ لِسَعْدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَحَدَ الْعَشَرَةِ: تَبِيعُ عِنَبًا لَكَ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ عَصِيرًا، فَقَالَ: بِئْسَ الشَّيْخُ أَنَا إنْ بِعْتُ الْخَمْرَ.

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَتْ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَرْضٌ فِيهَا عِنَبٌ فَجَاءَ قَيِّمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>