وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ} [محمد: ٢٠] {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: ٢١] . إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَمَّ اللَّهُ فِيهَا مَنْ كَرِهَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْجِهَادِ وَجَعَلَهُ مِنْ الْمُنَافِقِينَ.
وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ الْمُرْبِينَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨] {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] .
وَقَالَ: يَجِبُ أَنْ تَتَلَقَّى أَحْكَامَ اللَّهِ بِطِيبِ نَفْسٍ وَانْشِرَاحِ صَدْرٍ، وَأَنْ يَتَيَقَّنَ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْهُ إلَّا بِمَا فِي فِعْلِهِ صَلَاحٌ، وَلَمْ يَنْهَهُ إلَّا عَمَّا فِي فِعْلِهِ فَسَادٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الْعَبْدِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، أَوْ مِنْ نَفْسِ الْفِعْلِ، أَوْ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْقُوتِ الَّذِينَ هُوَ قِوَامُ الْعَبْدِ وَالْمَنْهِيَّ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ السُّمُومِ الَّتِي هِيَ هَلَاكُ الْبَدَنِ وَسَقَمُهُ، وَمَنْ يَتَيَقَّنُ هَذَا لَمْ يَطْلُبْ أَنْ يَحْتَالَ عَلَى سُقُوطِ وَاجِبٍ فِي فِعْلِهِ صَلَاحٌ لَهُ وَلَا عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ فِي تَرْكِهِ صَلَاحٌ لَهُ أَيْضًا، وَإِمَّا تَنْشَأُ الْحِيَلُ مِنْ ضَعْفِ الْإِيمَانِ، فَلِهَذَا كَانَتْ مِنْ النِّفَاقِ وَصَارَتْ نِفَاقًا فِي الشَّرَائِعِ كَمَا أَنَّ النِّفَاقَ الْأَكْبَرَ نِفَاقٌ فِي الدِّينِ، وَإِذَا كَانَتْ الْحِيلَةُ مُسْتَلْزِمَةً لِكَرَاهَةِ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ، بَلْ نِفَاقٌ فَحُكْمُ الْمُسْتَلْزِمِ كَذَلِكَ فَتَكُونُ الْحِيَلُ مُحَرَّمَةً بَلْ نِفَاقًا، وَلَوْ فُرِضَ أَنْ يَنْشَأَ مِنْ الْحِيَلِ تَجَرُّدٌ فِي بَعْضِ حَقِّ الْأَشْخَاصِ عَنْ هَذَا الْإِلْزَامِ لَكَانَ ذَلِكَ صُوَرًا قَلِيلَةً، فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْغَالِبِ، ثُمَّ أَقَلُّ مَا فِيهَا أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ وَالْحِكْمَةُ إذَا كَانَتْ خَفِيَّةً، أَوْ مُنْتَشِرَةً عُلِّقَ الْحُكْمُ بِمَظِنَّتِهَا وَكَرَاهَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ تَخْفَى عَنْ صَاحِبِهَا وَلَا تَنْضَبِطُ الْحِيلَةُ الَّتِي تَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ الَّتِي لَا تَتَضَمَّنُهُ فَيُعَلَّقُ الْحُكْمَ بِمَظِنَّةِ ذَلِكَ وَهُوَ الْحِيلَةُ مُطْلَقًا -، وَإِنَّمَا يَتِمُّ هَذَا الْوَجْهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِذِكْرِ أَقْسَامِ الْحِيلَةِ وَهُوَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute