أَنَّ بَعْضَ التُّيُوسِ طَلَبَ أَكْثَرَ مَا بُذِلَ لَهُ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ وَأَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ فَعَلْتَ وَأَخَذْتَ سَامَحَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى رُبَّمَا كَتَمَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ وَحَلَّلَهَا بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَنِكَاحُ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ مِنْ أَبْطَلْ النِّكَاحِ وَأَعْظَمِهِ مُرَاغَمَةً لِلشَّرِيعَةِ وَمِمَّا آلَ بِهِ اسْتِخْفَافُ شَأْنِ التَّحْلِيلِ أَنَّ الْأَمْرَ أَفْضَى إلَى أَنْ صَارَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَحْسِبُ أَنَّ مُجَرَّدَ وَطْءِ الذَّكَرِ مُبِيحٌ حَتَّى اعْتَقَدُوا أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ ذَكَرًا حَلَّتْ، وَاعْتَقَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا بِقَدَمِهِ حَلَّتْ، وَاعْتَقَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا صَبَّ دُهْنًا فَوْقَ رَأْسِهَا حَلَّتْ كَأَنَّهُمْ شَبَّهُوهُ بِصَبِّ الْمَنِيِّ.
حَدَّثَنِي بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي تُفْضِي النِّسَاءُ إلَيْهِنَّ أَسْرَارَهُنَّ، وَحِلُّهُ بِالْأَوَّلِ مُسْتَقِرٌّ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنْ الْجُهَّالِ، حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَكِيم النَّهْرَوَانِيُّ صَاحِبَ أَبِي الْخَطَّابِ حَضَرَ حَلْقَةَ شَيْخٍ نَبِيلِ الصُّورَةِ فَأَكْرَمَهُ، وَسَأَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَكِيم عَنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا ذَكَرًا هَلْ تَحِلُّ فَقَالَ لَا، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ أَنَا أُفْتِي أَنَّهَا تَحِلُّ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى هُنَا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَكِيمٍ مَا زِلْت تُفْتِي بِغَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، أَوْ كَمَا قَالَ، فَانْظُرْ إلَى هَذِهِ الْفَضَائِحِ الَّتِي فِيهَا انْهِدَامُ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعَامَّةِ، أَصْلُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا أُلْقِيَ إلَيْهِمْ ابْتِدَاءً مِنْ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا تَحِلُّ بِنِكَاحٍ خَارِجٍ عَنْ النِّكَاحِ الْمَعْرُوفِ، وَإِلَّا فَلَوْ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا تُنْكَحُ إلَّا كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ ابْتِدَاءً لَمْ يَشْتَبِهْ النِّكَاحُ الَّذِي هُوَ النِّكَاحُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَبَائِحِ كَاشْتِبَاهِ التَّحْلِيلِ بِهِ، وَمِنْ مَفَاسِدِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُطَلَّقَةَ إذَا لَمْ تَنْكِحْ التَّيْسَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَرَضٌ فِي الْوِلَادَةِ مِنْهُ، وَلَا فِي أَنْ يَبْقَى بَيْنَهُمَا عَلَاقَةٌ، فَرُبَّمَا قَتَلَتْ الْوَلَدَ بَلْ لَعَلَّ هَذَا أُوقِعَ كَثِيرًا وَدَائِمًا وَكَثِيرٌ مِنْهُنَّ يَسْتَطِيلُ الْعِدَّةُ فَإِمَّا أَنْ تَكْذِبَ أَوْ تَكْتُمَ.
وَمَا ذَاكَ إلَّا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَالَى عَلَيْهَا عِدَّتَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ وَهِيَ شَدِيدَةُ الرَّغْبَةِ فِي الْعَوْدَةِ إلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَنَّهَا أُلْقِيَ إلَيْهَا الْيَأْسُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأَوَّلِ، إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ تَامٍّ كَالنِّكَاحِ الْمُبْتَدَإِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا، وَمِنْ ذَاكَ مَا بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا تَرَكَ مَنْ حَلَّلَ امْرَأَةً فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا خَرَجَ دَعَتْهُ نَفْسُهُ إلَى أَنْ رَاوَدَ الْمَرْأَةَ عَنْ نَفْسِهَا وَقَالَ إنَّ الْحِلَّ لَا يَتِمُّ إلَّا بِرَجُلَيْنِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّهُ رَأَى غَيْرَهُ قَدْ أَتَى بِالسِّفَاحِ دَعَتْهُ نَفْسُهُ إلَى التَّشَبُّهِ بِهِ إذْ النُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ، وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَحْصَنَ فَرْجَ الْمَرْأَةِ وَنَكَحَهَا نِكَاحَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُحَدِّثْ هَذَا نَفْسَهُ بِالتَّشَبُّهِ بِهِ فِي تِلْكَ الْمَرْأَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute