للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحِيحُ أَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ، وَصَحِيحُ الْحَاكِمِ، وَصَحِيحُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَالْبَرْقَانِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالْجَوْزَقِيِّ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمُصَنَّفَاتِ الْأُمَّهَاتِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا إلَّا اللَّهُ: دَعْ مَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مُصَنَّفَاتِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَجَامِعِ الثَّوْرِيِّ، وَجَامِعِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَمُصَنَّفَاتِ وَكِيعٍ، وَهُشَيْمٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ.

فَهَلْ امْتَنَعَ الْأَئِمَّة مِنْ قِرَاءَةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ مَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ. أَمْ مَا زَالَتْ هَذِهِ الْكُتُبُ يَحْضُرُ قِرَاءَتَهَا أُلُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ عَوَامِّ الْمُؤْمِنِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَأَيْضًا فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَمَّا حَدَّثَ بِهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ الْمُخَالِفِينَ، هَلْ كَانُوا يُخْفُونَهَا عَنْ عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَتَكَاتَمُونَهَا وَيُوصُونَ بِكِتْمَانِهَا، أَمْ كَانُوا يُحَدِّثُونَ بِهَا كَمَا كَانُوا يُحَدِّثُونَ بِسَائِرِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ رِوَايَةِ بَعْضِهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَهَذَا كَمَا قَدْ كَانَ هَذَا يَمْتَنِعُ عَنْ رِوَايَةِ بَعْضِ أَحَادِيثَ فِي الْفِقْهِ وَالْأَحْكَامِ وَبَعْضِ أَحَادِيثِ الْقَدْرِ وَالْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَالْوَعِيدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْبَابِ، وَهَذَا كَانَ يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَيُخَالِفُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى أَنَّ رِوَايَتَهَا تَضُرُّ بَعْضَ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَيَرَى الْآخَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بَلْ يَنْفَعُ، فَكَانَ هَذَا مِمَّا قَدْ يَتَنَازَعُونَ فِيهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ.

فَأَمَّا الْمَنْعُ مِنْ تَبْلِيغِ عُمُومِ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ لِعُمُومِ الْأُمَّةِ، فَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَإِنَّمَا هَذَا وَنَحْوُهُ رَأْيُ الْخَارِجِينَ الْمَارِقِينَ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، كَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْحَرُورِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ وَهُوَ عَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ثُمَّ الْأَحَادِيثُ الَّتِي يَتَنَازَعُ الْعُلَمَاءُ فِي رِوَايَتِهَا، أَوْ الْعَمَلُ بِهَا لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَنَازِعِينَ أَنْ يُكْرِهَ الْآخَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء: ٥٩] .

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ إذَا قُدِّرَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْأُمَّةَ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِالرَّدِّ إلَيْهِ وَإِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>