للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوصَفُ إلَّا بِسَلْبٍ أَوْ إضَافَةٍ أَوْ مُرَكَّبٍ مِنْهُمَا وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَكُلُّ مَنْ عَلِمَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ، عَلِمَ أَنْ هَؤُلَاءِ فِي غَايَةِ الْمُشَاقَّةِ وَالْمُحَادَّةِ وَالْمُحَارَبَةِ لِلَّهِ وَرُسُلِهِ وَانْتَدَبَ هَؤُلَاءِ فِي تَقْرِيرِ شُبَهٍ عَقْلِيَّةٍ يَنْفُونَ بِهَا الْحَقَّ، وَتَأَوَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، فَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَأَلْحَدُوا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، بِحَيْثُ حَمَلُوهَا عَلَى مَا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ خِلَافُ مُرَادِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا فَعَلَ إخْوَانُهُمْ الْقَرَامِطَةُ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَجَحَدُوا الْحَقَائِقَ الْعَقْلِيَّةَ، كَمَا فَعَلَ إخْوَانُهُمْ السُّوفِسْطَائِيَّة فَجَمَعُوا بَيْنَ السَّفْسَطَةِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، وَالْقَرَامِطَةِ فِي السَّمْعِيَّاتِ، فَلِهَذَا اُنْتُدِبَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَغَيْرُهُمْ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَتَقْرِيرِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَرَدِّ تَكْذِيبِهِمْ وَتَعْطِيلِهِمْ، وَذَكَرُوا دَلَائِلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى بَيَانِ الْحَقِّ وَرَدِّ بَاطِلِهِمْ، وَلَمَّا احْتَجَّ أُولَئِكَ بِشُبَهٍ عَقْلِيَّةٍ، بَيَّنُوا أَيْضًا لَهُمْ أَنَّ الْعَقْلَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ وَصِحَّةِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: ٦] ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَنْ نَهَى عَنْ بَيَانِ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ، وَأَمَرَ بِمَا أَحْدَثَ مِنْ النَّفْيِ الَّذِي لَا يُؤْثَرُ عَنْ الرُّسُلِ، كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْ مُشَاقَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمُحَادَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمُحَارَبَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بِحَسَبِ مَا سَعَى فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، حَيْثُ أُمِرَ بِتَرْكِ مَا بَعَثَ بِهِ الرَّسُولُ، وَبِإِظْهَارِ مَا يَشْتَمِلُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّ النَّاسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْعَلُوا كَلَامَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ هُوَ الْأَصْلُ الْمُتَّبَعُ، وَالْإِمَامُ الْمُقْتَدَى بِهِ سَوَاءٌ عَلِمُوا مَعْنَاهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوهُ، فَيُؤْمِنُونَ بِلَفْظِ النُّصُوصِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا حَقِيقَةَ مَعْنَاهَا، وَأَمَّا مَا سِوَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلُ أَصْلًا بِحَالٍ، وَلَا يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِلَفْظٍ لَهُ حَتَّى يُفْهَمَ مَعْنَاهُ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كَانَ مَقْبُولًا وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا كَانَ مَرْدُودًا، وَإِنْ كَانَ مُجْمَلًا مُشْتَمِلًا عَلَى حَقٍّ وَبَاطِلٍ، لَمْ يَجُزْ إثْبَاتُهُ أَيْضًا، وَلَا يَجُوزُ نَفْيُ جَمِيعِ مَعَانِيهِ. بَلْ يَجِبُ الْمَنْعُ مِنْ إطْلَاقِ نَفْيِهِ وَإِثْبَاتِهِ، وَالتَّفْصِيلِ وَالِاسْتِفْسَارِ وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الْمُبْتَدَعَةَ الْمُجْمَلَةَ أَصْلًا أُمِرُوا بِهَا وَجَعَلُوا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فَرْعًا يُعْرَضُ عَنْهَا وَلَا يُتَكَلَّمُ بِهَا وَلَا فِيهَا، فَكَيْفَ يَكُونُ تَبْدِيلُ الدِّينِ إلَّا هَكَذَا؟ ،.

الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ وَيُوجِبَ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>